للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الحكمان، وما يتعلق ببعثهما،

ووصفهما، ووظيفتهما، وما يترتب على حكمهما

وقوله: {َابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا}

الخطاب في ((وإن خفتم)) وفي ((فابعثوا)) للحكام، ومن يتولى الفصل بين الناس، وهو قول الجمهور (١) .

وذلك أن الإمام أو نائبه هو الذي يلي أمر الناس في العقود والفسوخ، وله نصب الحكمين، وهو الذي يتولى فصل الخصومات وفض النزاعات، والمنع من التعدي والظلم، وإليه يكون الترافع وتنفيذ الأحكام.

ثم إنه تعالى لما ذكر نشوز المرأة، وأن للزوج أن يعظها، ثم يهجرها في المضجع إن لم تنْزجر، ثم يضربها إن أصرت على نشوزها، ثم لم يجعل بعد الضرب للزوج إلا المحاكمة إلى من ينصف المظلوم منهما من الظالم، ويتوجه حكمه عليهما، وهو السلطان الذي بيده سلطة الحكم والتنفيذ.

وقيل: الخطاب في ذلك عام، ويدخل فيه الزوجان وأقاربهما، فإن قام به الزوجان أو ذوو القربى أو الجيران فذاك، وإلا وجب على من بلغه أمرهما من المسلمين أن يسعى في إصلاح ذات بينهما بذلك. فهو خطاب لكل أحد من صالحي الأمة، لأن قوله تعالى: {فَابْعَثُوا} خطاب للجمع، وليس حمله على البعض أولى من حمله على البقية، فوجب حمله على الكل، فعلى هذا يكون أمراً لآحاد الأمة، سواء وجد الإمام أو لم يوجد، فللصالحين أن يبعثوا حكماً من أهله


(١) تفسير الطبري ٥/٧١، وأحكام القرآن للجصاص ٢/١٩٠، وزاد المسير ٢/٧٧، وتفسير القرطبي ٥/١٧٥، وتفسير الآلوسي ٥/٢٦.

<<  <   >  >>