للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الطبري رحمه الله دون سائر الأقوال، وانتصر له (١) .

وهو وجه بعيد في تفسير الآية، وقد رده المفسرون؛ جاء في تفسير المنار: وأما الهجر فهو ضرب من ضروب التأديب لمن تحب زوجها، ويشق عليها هجره إياها، وذهب بعض المفسرين - ومنهم ابن جرير الطبري - أن المرأة التي تنشز لا تبالي بهجر زوجها، بمعنى إعراضه عنها، وقالوا: إن معنى ((واهجروهن)) قيدوهن، من هجر البعير إذا شده بالهجار وهو القيد الذي يقيد به، وليس هذا الذي قالوه بشيء، وما هم بالواقفين على أخلاق النساء وطباعهن، فإن منهن من تحب زوجها ويزين لها الطيش والرعونة النشوز عليه، ومنهن من تنشز امتحاناً لزوجها، ليظهر لها أو للناس مقدار شغفه بها وحرصه على رضاها ... ومنهن من تنشز لتحمل زوجها على إرضائها بما تطلب من الحلي والحلل أو غير ذلك، ومنهن من يغريها أهلها بالنشوز لمآرب لهم ...، وفي الهجر في المضجع نفسه معنى لا يتحقق بهجر المضجع أو البيت الذي هو فيه، لأن الاجتماع في المضجع هو الذي يهيج شعور الزوجية، فتسكن نفس كل من الزوجين إلى الآخر، ويزول اضطرابهما الذي أثارته الحوادث قبل ذلك، فإذا هجر الرجل المرأة وأعرض عنها في هذه الحالة رجي أن يدعوها ذلك الشعور والسكون النفسي إلى سؤاله عن السبب، ويهبط بها من نشز المخالفة إلى صفصف الموافقة (٢) .

وفي في ظلال القرآن: قوله: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ} : والمضجع هو موضع الإغراء والجاذبية التي تبلغ فيها المرأة الناشز المتعالية قمة سلطانها، فإذا استطاع الرجل أن يقهر دوافعه تجاه هذا الإغراء، فقد أسقط من يد المرأة الناشز


(١) تفسير الطبري ٥/٦٥-٦٦.
(٢) تفسير المنار ٥/٧٢-٨٣.

<<  <   >  >>