للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والحاصل أن حال المرأة مع زوجها إما الطواعية، وإما النشوز، والنشوز إما تعقبه الطواعية، وإما النشوز المستمر، فإن أعقبته الطواعية فتعود كالطائعة أولاً، وإن استمر النشوز واشتد، بعث الحكمان (١) ، وهو المراد بخوف الشقاق هنا.

والشقاق، والمشاقة: غلبة العداوة والخلاف، شاقه مشاقة وشقاقاً: خالفه، فالشقاق: العداوة بين فريقين، والخلاف بين اثنين، سمي ذلك شقاقاً، لأن كل فريق من فرقتي العداوة قصد شقاً أي ناحية غير شق صاحبه؛ كذا في اللسان (٢) .

ويقول ابن جرير الطبري: يعني بقوله جل ثناؤه: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا} وإن علمتم أيها الناس شقاق بينهما، وذلك مشاقة كل واحد منهما صاحبه، وهو إتيانه ما يشق عليه من الأمور، فأما من المرأة فالنشوز، وتركها أداء حق الله عليها، الذي ألزمها الله لزوجها؛ وأما من الزوج فتركه إمساكها بالمعروف، أو تسريحها بإحسان.

والشقاق: مصدر من قول القائل: شاق فلان فلاناً، إذا أتى كل واحد منهما إلى صاحبه ما يشق عليه من الأمور، فهو يشاقه مشاقة وشقاقاً، وذلك قد يكون عداوة (٣) .

فاشتقاقه من الشق - بكسر الشين - وهو الجانب، لأن كلا من المتخالفين في شق غير شق الآخر. ويمكن أن يكون مشتقا من الشق - بفتح الشين - وهو الصدع والتفرع، ومنه قولهم: شق عصا الطاعة، فإن كل واحد من المتخالفين يقول أو يفعل ما يشق على الآخر (٤) .


(١) البحر المحيط لأبي حيان ٣/٦٢٩.
(٢) لسان العرب، مادة ((شقق)) .
(٣) تفسير الطبري ٥/٧٠.
(٤) انظر: تفسير الفخر الرازي ١٠/٩٥، وتفسير الخازن مع البغوي ٢/٦٣، والتحرير والتنوير للطاهر بن عاشور ٥/٤٥.

<<  <   >  >>