للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ذلك الآخر، ثم مات أحدهما، فإن الذي رضي يرث الذي كره، ولا يرث الكاره الراضي، وذلك قوله: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً} قال: هما الحكمان يوفق الله بينهما (١) .

كما أخرج الطبري بسنده عن عبيدة السلماني، قال: جاء رجل وامرأته بينهما شقاق إلى علي رضي الله عنه، مع كل واحد منهما فئام (٢) من الناس، فقال علي رضي الله عنه: ابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها، ثم قال للحكمين: تدريان ما عليكما؟، عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا، قالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، وقال الرجل: أما الفرقة فلا، فقال علي رضي الله عنه: كذبت، والله لا تنقلب حتى تقر بمثل الذي أقرت به (٣) .

وجه الدلالة:

أن الحكمين لو كانا وكيلين لم يقل لهما: أتدريان ما عليكما.

كما أن قوله: ((عليكما إذا رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا)) دليل على أن لهما سلطة القاضي.

قالوا: وليس المراد من قول علي رضي الله عنه للرجل: ((حتى تقر)) أن رضاه شرط، بل معناه: أن المرأة لما رضيت بما في كتاب الله تعالى، فقال الرجل: أما الفرقة فلا، يعني ليست الفرقة في كتاب الله، فقال له علي: كذبت، حتى أنكرت أن تكون الفرقة في كتاب الله، بل هي في كتاب الله، فإن قوله تعالى:

{يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} يشتمل على الفراق وعلى غيره، لأن التوفيق أن يخرج كل


(١) تفسير الطبري ٥/٧٣-٧٤.
(٢) فئام: جماعة من الناس.
(٣) تفسير الطبري ٥/٧١.

<<  <   >  >>