وعلى هذا فقوامة الرجل على المرأة تستلزم رعايته لها، وتربيتها، وإصلاحها بما أوتي من عقل أكمل من عقلها، وعلم أغزر من علمها غالباً، وبعد نظر في مبادئ الأمور ونهاياتها أبعد من نظرها، يضاف إلى ذلك أنه دفع مهراً لم تدفعه، والتزم بنفقات لم تلتزم هي بشيء منها (١) .
هذا مع ما أوتي الرجل من قوة وهيبة ليست لها، لذا استحق عليها شرعاً وعقلاً وفطرة الرئاسة والقوامة، ووجبت له عليها الطاعة بالمعروف.
أي: جعل الله القوامة للرجال على النساء لسببين: أحدهما: وهبي فطري، والآخر: كسبي.
وأشار إلى الأول بقوله:{بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} ، أي: يقومون عليهن بالحماية والرعاية والولاية والكفاية قيام الولاة على الرعية بسبب تفضيل الله بعضهم وهم الرجال على بعض وهم النساء، وذلك بما جعل لهم ما ليس لهن من الحول والقوة والاستعداد الفطري في أصل الخلقة، وكمال العقل والإدراك، واعتدال العاطفة، مع سداد في الرأي، وقوة في العزم، والحزم، والتحمل، وكذا بعد النظر، ومزيد القوة في العلوم والأعمال والطاعات.
وهذا لا يعني انعدام تلك الصفات في النساء، لكنها في الرجال أقوى وأكمل وأتم. فكان التفاوت في التكاليف والأحكام أثر التفاوت في الفطرة والاستعداد. ثم إن تلك القوامة إنما استحقت بالفضل، لا بالتغلب والاستطالة والقهر.
وأما السبب الآخر في استحقاق الرجال القوامة على النساء فهو كسبي، وأشار إليه بقوله:{وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} أي: من المهور والنفقات والسكنى
(١) وانظر: أيسر التفاسير للشيخ أبي بكر الجزائري ١/٣٩٦.