للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فَقالوا: مَن هذا الفارسُ الذي لا نَعرفُه؟ فقالَ لهم عليٌّ رضي اللهُ عنه: كُفوا عن الرجلِ فلعلَّه مِمن طرأَ عَليكم مِن قِبَلِ البحرينِ أو مِن قِبَلِ الشامِ حتى يسأَلَكم عن معالمِ دِينِهِ، أحبَّ أَن يُواسِيَكم اليومَ بنفسِهِ، إذْ رآه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ: «مَن هذا الفارسُ الذي لم يأْتِنا فنُرغِّبَه في الجهادِ» ، إِذ التَحَمت الكَتيبتانِ، فجعلَ يضربُ بسيفِهِ ويطعنُ برمحِهِ قُدماً، إذ قامَ به فرسُهُ فنزلَ عنه وحسرَ عن ذِراعيه، فلمَّا رأَى رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سوادَ ذراعَيهِ عرفَهُ، فقالَ: «أَسَعدٌ؟» قالَ: سعدٌ فداكَ أَبي وأُمي يا رسولَ اللهِ، قالَ: «سعدَ جدُّك» ، فما زالَ يضربُ بسيفِهِ / ويطعنُ برمحهِ، كلُّ ذلكَ يقتلُ اللهُ بطعنِهِ ورمحِهِ إذْ قَالُوا: صُرعَ سعدٌ.

فخرجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم نحوَهُ، فرفَعَ رأسَه فوضَعَه في حِجرِهِ، فأخذَ رسولُ اللهِ يمسحُ عن وجهِهِ الترابَ بثوبِهِ وقالَ: «ما أَطيبَ ريحَكَ وأَحسنَ وجهَكَ وأحبَّكَ إلى اللهِ وإلى رسولِهِ» ، فبَكى رسولُ اللهِ ثم ضحكَ ثم أعرضَ عنه، ثم قالَ: «وردَ الحوضَ وربِّ الكعبةِ» ، فقالَ أبولُبابةَ: بأَبي وأُمي وما الحوضُ؟ قالَ: «حوضٌ أَعطانيهِ اللهُ عزَّ وجلَّ ما بينَ صنعاءَ إلى بُصرى، حَافتيهِ مُكللٌ بالدُّرِّ والياقوتِ، آنيتُهُ كعددِ نجومِ السماءِ، ماؤُهُ أشدُّ بياضاً مِن اللبنِ وأَحلى مِن العسلِ، مَن شَربَ مِنه لم يظمأْ بعدَها أبداَ» ، قالوا: يا نبيَّ اللهِ، رأَيناكَ بكيتَ وضحكتَ، ورأيناكَ أَعرضتَ بوجهِكَ؟ فقالَ: «أمَّا بُكائي فشوقاً إلى سعدٍ، وأمَّا ضَحكي ففرحتُ له بمنزلتِهِ مِن اللهِ وكرامتِهِ عَليهِ، وأمَّا إِعراضي فإنِّي رأيتُ أَزواجَه مِن الحورِ العينِ يتبادَرنَه كاشفاتٍ سُوقَهنَّ بارزاتٍ خَلاخِيلهنَّ، فأَعرضتُّ حياءً منهنَّ» .

قالَ: فأمَرَ بسلاحِهِ وما كانَ له فقالَ: «اذهَبوا به إلى زوجتِهِ فقُولوا لها: إنَّ اللهَ / قد زوَّجَه خيراً مِن فتاتِكم وهَذا ميراثُهُ، وَالذي نفسُ محمدٍ بيدِهِ، إنِّي

<<  <  ج: ص:  >  >>