للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قلتُ: بَل مَالي، قالَ: «فإنَّما لكَ مِن مالِكَ ما أَكلتَ فأَفنيتَ، ولبستَ فأَبليتَ، وأَعطيتَ فأَمضيتَ، وما بقيَ فلمولاكَ» . قلتُ: لِمولايَ؟ قالَ: «نَعم» . قلتُ: واللهِ لئنْ بقيتُ لأَدَعَنَّ عِدَّتَها قليلاً.

قالَ الحسنُ: ففعلَ رحمَهُ اللهُ، فلمَّا حضرَتْه الوفاةُ دَعا بنيهِ فقالَ: يا بنيَّ، خُذوا عنِّي، فلا أَحدَ أنَصحُ لكم مِني، إِذا متُّ فسَوِّدوا أَكابرَكم ولا تُسوِّدوا أَصاغِرَكم، فيَستسفِهَ الناسُ كبارَكم، فتَهونوا عَليهم، وعليكم باستصلاحِ المالِ، فإنَّه منبه (١) للكريمِ، ويُستَغنى به عن اللئيمِ، وإيَّاكم والمسألةَ، فإنَّها آخِرُ كسبِ المرءِ، إنَّ أحداً لم يسألْ إلا تَركَ كسبَهُ، فإذا أَنا متُّ فكفِّنوني في ثِيابي التي كنتُ أُصلِّي فيها وأَصومُ، وإيَّاكم والنياحةَ، فإنِّي سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَنهى عنها، وادفِنوني في مكانٍ لا يَعلمُ به أحدٌ، فإنَّه قد كانتْ بينَنا وبينَ بَني بكرِ بنِ وائلٍ خُماشاتٌ في الجاهليةِ، فأَخافُ أَن يُدخِلوها في الإسلامِ / فيَعيثوا عَليكم دِينَكم.

قالَ الحسنُ رحمَه اللهُ: نُصحاً في الحياةِ، ونُصحاً في المماتِ (٢) .

٣٠١٦- (١٧) حدثنا عبدُاللهِ بنُ محمدِ بنِ عبدِالعزيزِ قالَ: حدثنا أبوالفضلِ داودُ بنُ رشيدٍ الخوارزميُّ قالَ: حدثنا الوليدُ بنُ مسلمٍ، عن عبدِالرحمنِ بنِ يزيدَ بنِ جابرٍ، عن جعفرِ بنِ عَمرو بنِ أميةَ قالَ:

خرجتُ أَنا وعُبيدُاللهِ بنُ عديِّ بنِ الخيارِ غازِيانَ الصائفةَ في زمنِ معاويةَ، فلمَّا قفَلْنا مرَرْنا بحمصَ وبِها وحشيُّ بنُ حربٍ الحبشيُّ، فقالَ عُبيدُاللهِ: هَل


(١) هكذا في الأصل. والمعروف: منبهة.
(٢) تقدم (١٩٠٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>