للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فقالت بينَها: لو أنَّا قتلْنا أبا النَّجاشيِّ وملَّكْنا أَخاهُ، فإنَّه لا ولدَ له غير هذا الغلامِ، وإنَّ لأخيهِ مِن صُلبِهِ اثنَتي (١) عشرَ رجلاً، فتَوارَثوا (٢) مُلكَه مِن بعدِهِ دهراً، فَعَدَوْا على أبي النَّجاشيِّ فقَتلوُه وملَّكوا أَخاهُ، فمَكثوا على ذلكَ حِيناً، ونشأَ النَّجاشيُّ مع عمِّه، وكانَ مع ذلكَ لَبيباً حازماً مِن الرجالِ، فغلَبَ على أَمرِهِ ونزلَ مِنه بكلِّ منزلٍ (٣) ، فلمَّا رأَت الحبشةُ مكانَه فَقالوا (٤) بينَهم: واللهِ لقد غلبَ هذا الفَتى على أمرِهِ، وإنَّا لَنتخوفُ أَن يُملِّكه عَلينا، ولئنْ مَلَكَنَا ليَقتلَنا أَجمعينَ، لقد عرفَ أنَّا نحنُ قتَلْنا أباهُ، فمَشوا إلى عمِّه فَقالوا له: إمَّا أَن تَقتلَ هذا الفَتى وإمَّا أَن تُخرجَهُ مِن بينِ أظهُرِنا، فإنَّا قد خِفناهُ. قالَ: ويلَكم، قَتلتُم أَباهُ بالأمسِ، وتَقتلونَه اليومَ! بلْ أَخرِجوهُ مِن بلدِكم (٥) .

قالَ: فخَرَجوا به إلى السوقِ فباعوهُ مِن رجلٍ مِن التجارِ بستِّمئةِ درهمٍ ثم قَذفوهُ في السفينةِ، ثم انطلقَ به حتى إذا كانَ العشيُّ مِن ذلكَ اليومِ هاجَتْ سحابةٌ مِن سحائبِ الخريفِ، فخرجَ عمُّه يَستمطرُ تحتَها فأَصابتْه صاعقةٌ فقَتلتْهُ، قالتْ: ففزعَت (٦) الحبشةُ إلى ولدِهِ فإذا هم حَمقى وليسَ في ولدِهِ خيرٌ، فمرجَ على الحبشةِ أمرُهم، فلمَّا ضاقَ بِهم ما هم فيه مِن ذلكَ قالَ بعضُهم لبعضٍ: تَعلمونَ واللهِ أَن ما لَكم غيرُ الذي بِعتُم غدوةً، فإنْ كانَ لكم بأمرِ الحبشةِ حاجةٌ فأَدرِكوهُ.


(١) في ظ (٢١) : اثنا.
(٢) في ظ (٢١) : فيتوارثوا.
(٣) في ظ (٢١) : منزلة.
(٤) في ظ (٢١) : قالوا.
(٥) في ظ (٢١) : بلادكم.
(٦) في ظ (٢١) : ففزع.

<<  <  ج: ص:  >  >>