لا توحيد لمن لم يقر بأن القرآن مخلوق، ... ثم كتب إليه ثانيًا أن يرسل إليه سبعة من كبار المحدثين وهم: محمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو مسلم مستملي يزيد بن هارون، ويحيى بن معين، وزهير بن حرب "أبو خيثمة"، وإسماعيل بن داود، وإسماعيل بن أبي مسعود، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وهم في وجوه المحدثين في بغداد، وممن شنعوا على المأمون بالقول بخلق القرآن، ومن رؤوس الذين يقولون بقدمه.
ثم امتحن غيرهم من العلماء كجعفر بن عيسى، وعبد الرحمن بن إسحاق القاضي والإمام أحمد بن حنبل.
واستمرت المحنة بخلق القرآن بعد المأمون الذي توفي في سنة "٢١٨" في زمن المعتصم، والواثق الذي توفي "٢٣٢", فبويع للمتوكل الذي لم يتحمس للقول بخلق القرآن، ونهى عن القول بذلك، وكتب إلى الآفاق، وتوفر دعاء الخلق له وبالغوا في الثناء عليه.
مع اشتداد الحملة بخلق القرآن فر العجلي بدينه إلى طرابلس المغرب، وبذلك انتقل من مركز كان يموج بالعلماء والمحدثين إلى صقع ناء، الحركة العلمية فيه ضعيفة، ناهيك قلة العلماء الموجودين فيه.
وسبب آخر نقف عنده هنيهة أن العجلي كان زاهدًا صالحًا متقشفًا، وكان يتحرج في روايته للحديث، لذلك فقد انشغل برواية أخبار وحكايات عن الصالحين، هذه الحكايات تراها متناثرة في كتابه "الثقات" هذا، كلما ترجم لمحدث زاهد، أو قاض عادل لا يخاف في الحق لومة سلطان، لا بل أفرد له الحكايات بابًا ختم به كتابه.