الجليس المتفنن الكاتب أبو محمد بن الياسمين عبد الله بن حجاج الإشبيلي. نسب إلى أمه، وكانت سوادء، وكان هو أيضاً أسود.
تخرج بإشبيلية في فنون العلم. وكان أول تعلقه بالفقه والتوثيق، حتى صار من أعلام العارفين بالوثيقة، ثم اشتغل بالنظم والنثر وفنون الآداب، فصار من أعلام الأدباء والكتاب.
ومن حكاياته أنه جاء بإشبيلية إلى شيخ طيب، فشكا له تلهب معدته، وأنه لا يشبعه شيء. فقال، وقد لمح بوارق السعادة: لابد لك من أن تشتكي لي بسوء هضم معدتك، نعم وبثانية، نعم وبثالثة.
فمضت الأيام وطلع إلى مراكش، وبلغ المبلغ العظيم من مجالسة المنصور ومسايرته له إذا ركب في أسفاره، لافتتانه بحديثه وما يجد عنده مما لا يجده عند غيره٠فاتفق أن طلع ذلك الطيب إلى مراكش فاجتمع به، فقال له: يا حكيم، صدقت فيما أنذرتني به من سوء الهضم مما تراه.
فدله على ما يصنع. ثم مضت الأيام فشكا له بالنقرس وقال: أظن هذه الثانية؟ قال: نعم. ثم أقام مدة، ووقع اجتماعه به، فقال له: يا حكيم، صدقت في اثنتين فأين الثالثة؟ فقال: يا فقيه، بلغتني على ألسن الناس،