للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتشوق إلى الأقصى دفعة، فإذا نال تلك الرتبة طمحت عينه إلى ما فوقها. فكذلك من ليس عالماً، ينبغي له التشبه بالعلماء، الذين هم ورثة الأنبياء. والعلماء يتشبهون بالأولياء، والأنبياء بالملائكة، حتى تمحى عنهم الصفات البشرية بالكلية، فينقلبون ملائكة في صورة الناس.

والملائكة أيضاً لهم مراتب، والأعلى مرتبة معشوق الأدنى ومطمح نظره، والملائكة المقربون هم الذين ليس بينهم وبين الأول الحق واسطة، ولهم الجمال الأطهر والبهاء الأتم، بالنسبة إلى من دونهم من الموجودات الكاملة البهية. ثم كل كمال بالنظر إلى جمال الحضرة الربوبية مستحقر، فهكذا ينبغي أن يعتقد التقرب إلى الله عز وجل، لا بأن تقدره في بيت في الجنة، فتقرب من باب البيت، فيكون قربك بالمكان، تعالى عنه رب الأرباب، ولا بأن تهدي إليه هدية بعبادتك، فيفرح بها ويهتز لها فيرضى عنك، كما يتقرب إلى الملوك، بطلب رضاهم وتحصيل أغراضهم، فيسمى ذلك تقرباً، تعالى الله وتقدس عن المعنى الذي يتصف الملوك به، من السخط والرضى، والابتهاج بالخدمة، والاهتزاز للخضوع، والانقياد والفرح بالمتابعة. واعتقاد جميع ذلك جهل.

فإن قلت: فقد اعتقد أكثر العوام ذلك، فما أبعد عن التحصيل من يطلب العنبر من دكان الدبّاغ،

<<  <   >  >>