للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكذلك، بقدر ما يلوع لك من جلال الله عز وجل، ينبعث شوقك وحرصك، وبحسبه يكون سعيك وانبعاثك. ثم قد يزداد العشق بطول الصحبة إذا كان يلوح في أثنائها محاسن أخلاق كانت خفية من قبل، فيتضاعف العشق، فكذلك ما يلوح من بهاء الحضرة الآلهية وجلالها في أول الأمر، ربما كان ضعيفاً بضعف إدراك المريد المبتدئ، ولكن ينبعث منه طلب وشوق، فلا يزال يواظب على الفكر في ذلك الجمال بسببه، فيطلع على مزايا، فيتضاعف في كل وقت عشقه.

وكما يطلب العاشق القرب من معشوقه، فكذا المريد يطلب القرب من الله تعالى، لا أن ذلك بقرب بمكان أو بتماس سطوح الأجسام، أو بكمال جمال صورة بأن يصير مبصراً حاضراً في القوة الباصرة صورته. وهذا القرب قرب الكمال لا في المكان، والأمثلة لا تخيل من هذه المعاني إلا شيئاً بعيداً. ولكن تشبيه ذلك بعشق التلميذ استاذه، وطلبه القرب منه في كماله أصدق في التخيل، فإنه يتقرب إليه بحركته في التعلم، ولا يزال يقرب منه قليلاً قليلاً، وغايته رتبته، وقد يكون ذلك ممكناً، وقد يكون في بعض الأحوال متعذراً، ولكن الترقي من الرتبة التي هو بسببها في البعد ممكن، فيزداد قرباً بالنسبة، والبلوغ ههنا غير ممكن. ولكن السفر عن أسفل السافلين، بقصد جهة العلو ممكن. وقد يكون الممثل في عين التلميذ رتبة مقيدة، لا أنه يتلبس بعشق رتبة أستاذه، ولكن يشتاق إلى الترقي درجة درجة، فلا

<<  <   >  >>