للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٧٠ - فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثنا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ، فَخِيَارُ أَهْلِ الْأَرْضِ أَلْزَمُهُمْ مُهَاجِرَ إِبْرَاهِيمَ، وَيَبْقَى فِي الْأَرْضِ شِرَارُ أَهْلِهَا، تَلْفِظُهُمْ أَرَضُوهُمْ، تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَحْشُرُهُمُ النَّارُ مَعَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ» . فَهَذَا الْحَدِيثُ فِي النَّفْسِ لَا فِي النَّفَسِ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ، " قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «سَتَكُونُ هِجْرَةٌ بَعْدَ هِجْرَةٍ» . مَعْنَى الْهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ الْهِجْرَةُ إِلَى الشَّامِ، يُرَغِّبُ فِي الْمُقَامِ بِهَا وَهِيَ مُهَاجِرُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَقْذَرُهُمْ نَفْسُ اللَّهِ تَعَالَى» . تَأْوِيلُهُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَكْرَهُ خُرُوجَهُمْ إِلَيْهَا وَمُقَامُهُمْ بِهَا، فَلَا يُوَفِّقُهُمْ لِذَلِكَ، فَصَارُوا بِالرَّدِّ وَتَرْكِ الْقَبُولِ فِي مَعْنَى الشَّيْءِ الَّذِي تَقْذُرُهُ نَفْسُ الْإِنْسَانِ، فَلَا تَقْبَلُهُ. وَذِكْرُ النَّفْسِ هَهُنَا مَجَازٌ وَاتِّسَاعٌ فِي الْكَلَامِ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ} [التوبة: ٤٦] ". قُلْتُ: وَالْحَدِيثُ تَفَرَّدَ بِهِ شَهْرُ بْنُ ⦗٣٩٥⦘ حَوْشَبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَرُوِيَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مَوْقُوفًا عَلَيْهِ فِي قِصَّةٍ أُخْرَى بِهَذَا اللَّفْظِ، وَمَعْنَاهُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو سُلَيْمَانَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِلْمَذْكُورِينَ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>