بَابُ: الْفَرْقُ بَيْنَ التِّلَاوَةِ وَالْمَتْلُوِّ قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} [القمر: ١٧] وَقَالَ تَعَالَى: {وَالطُّورِ وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} [الطور: ٢] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: ٤٩] وَقَالَ تَعَالَى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ} [التوبة: ٦] وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} [الجن: ١] . فَالْقُرْآنُ الَّذِي نَتْلُوهُ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مَتْلُوٌّ بِأَلْسِنَتِنَا عَلَى الْحَقِيقَةِ مَكْتُوبٌ فِي مَصَاحِفِنَا، مَحْفُوظٌ فِي صُدُورِنَا، مَسْمُوعٌ بِأَسْمَاعِنَا غَيْرُ حَالٍّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، إِذْ هُوَ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ غَيْرُ بَائِنٍ مِنْهُ، وَهُوَ كَمَا أَنَّ الْبَارِيَ عَزَّ وَجَلَّ مَعْلُومٌ بِقُلُوبِنَا، مَذْكُورٌ بِأَلْسِنَتِنَا، مَكْتُوبٌ فِي كُتُبِنَا، مَعْبُودٌ فِي مَسَاجِدِنَا، مَسْمُوعٌ بِأَسْمَاعِنَا، غَيْرُ حَالٍّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَأَمَّا قِرَاءَتُنَا وَكِتَابَتُنَا وَحِفْظُنَا فَهِيَ مِنِ اكْتِسَابِنَا، وَاكْتِسَابُنَا مَخْلُوقٌ لَا شَكَّ فِيهِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: ٧٧] وَسَمَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِلَاوَةَ الْقُرْآنِ فِعْلًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute