٩٧٣ - أَخْبَرَنَاهُ أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهِ أنا أَبُو طَاهِرٍ الْمُحَمَّدَابَاذِيُّ، أنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ السَّعْدِيُّ، أنا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أنا حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى نُخَامَةً فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ فَحَكَّهَا بِيَدِهِ، فَرُئِيَ فِي وَجْهِهِ شِدَّةُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا صَلَّى فَإِنَّمَا يُنَاجِي رَبَّهُ أَوْ رَبُّهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا بَصَقَ أَحَدُكُمْ فَلْيَبْصُقْ عَنْ يَسَارِهِ، أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ، أَوْ يَفْعَلْ هَكَذَا ثُمَّ بَزَقَ فِي ثَوْبِهِ، وَدَلَّكَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ» . قَالَ يَزِيدُ: وَأَرَانَا حُمَيْدٌ. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ عَنْ حُمَيْدٍ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " قَوْلُهُ: فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قِبَلُ وَجْهِهِ ". تَأْوِيلُهُ: أَنَّ الْقِبْلَةَ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالتَّوَجُّهِ إِلَيْهَا لِلصَّلَاةِ قِبَلَ وَجْهِهِ، فَلْيَصُنْهَا عَنِ النُّخَامَةِ، وَفِيهِ إِضْمَارٌ وَحَذْفٌ وَاخْتِصَارٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة: ٩٣] . أَيْ: حُبُّ الْعِجْلِ، وَكَقَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] يُرِيدُ: أَهْلَ الْقَرْيَةِ، وَمِثْلُهُ فِي الْكَلَامِ كَثِيرٌ، وَإِنَّمَا أُضِيفَتْ تِلْكَ الْجِهَةُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ التَّكْرِمَةِ، كَمَا قِيلَ: بَيْتُ اللَّهِ وَكَعْبَةُ اللَّهِ، فِي نَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: «رَبُّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ» : مَعْنَاهُ: أَنَّ تَوَجُّهَهُ إِلَى الْقِبْلَةِ مُفْضٍ بِالْقَصْدِ مِنْهُ إِلَى رَبِّهِ، فَصَارَ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّ مَقْصُودَهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ، فَأَمَرَ بِأَنْ تُصَانَ تِلْكَ الْجِهَةُ عَنِ الْبُزَاقِ وَنَحْوِهِ. وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ فِيمَا كَتَبَ لِي أَبُو نَصْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: «مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» إِنَّ اللَّهَ قِبَلَ وَجْهِهِ ". أَيْ: إِنَّ ثَوَابَ اللَّهِ لِهَذَا الْمُصَلِّي يَنْزِلُ ⦗٣٩٩⦘ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ وَجْهِهِ، وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: «يَجِيءُ الْقُرْآنُ بَيْنَ يَدَيْ صَاحِبِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . أَيْ: يَجِيءُ ثَوَابُ قِرَاءَتِهِ الْقُرْآنَ. قَالَ الشَّيْخُ: وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ يُؤَكِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute