١٠٠٦ - أَخْبَرَنَا أَبُو زَكَرِيَّا بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي، نا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ بْنِ الْحَسَنِ الْفَقِيهُ، أنا جَعْفَرٌ الصَّائِغُ، نا عَفَّانُ، نا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ مُدْرِكٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا زُرْعَةَ بْنَ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ، يُحَدِّثُ عَنْ خَرَشَةَ بْنِ الْحُرِّ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «ثَلَاثَةٌ لَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ» . قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هَؤُلَاءِ خَابُوا وَخَسِرُوا؟ فَأَعَادَهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ: «الْمُسْبِلُ وَالْمَنَّانُ وَالْمُنَفِّقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْكَاذِبِ ـ أَوِ الْفَاجِرِ ـ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي ⦗٤٢٨⦘ الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ. وَالْأَخْبَارُ فِي أَمْثَالِ هَذَا كَثِيرَةٌ، وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ غُنْيَةٌ لِمَا قَصَدْنَاهُ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ الطَّبَرِيُّ فِيمَا كَتَبَ إِلَيَّ أَبُو النَّضْرِ بْنُ قَتَادَةَ مِنْ كِتَابِهِ: " النَّظَرُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مُنْصَرِفٌ عَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا نَظَرُ عِيَانٍ، وَمِنْهَا نَظَرُ انْتِظَارٍ، وَمِنْهَا نَظَرُ الدَّلَائِلِ وَالِاعْتِبَارِ، وَمِنْهَا نَظَرُ التَّعَطُّفِ وَالرَّحْمَةِ، فَمَعْنَى قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ» . أَيْ: لَا يَرْحَمُهُمْ، وَالنَّظَرُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ رَحْمَتُهُ لَهُمْ، وَرَأْفَتُهُ بِهِمْ، وَعَائِدَتُهُ عَلَيْهِمْ، فَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْقَائِلِ: انْظُرْ إِلَيَّ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْكَ، أَيِ: ارْحَمْنِي رَحِمَكَ اللَّهُ ". قَالَ الشَّيْخُ: وَالنَّظَرُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى وَالْخَبَرُ الْأَوَّلُ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَالِاخْتِبَارِ، وَلَوْ حُمِلَ فِيهِمَا عَلَى الرُّؤْيَةِ لَمْ يُمْتَنَعْ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: ١٠٥] فَالتَّأْقِيتُ يَكُونُ فِي الْمَرَئِيِّ لَا فِي الرُّؤْيَةِ، يَعْنِي إِذَا كَانَ عَمَلُكُمْ مَرْئِيًا لَهُ، كَمَا أَنَّ التَّأْقِيتَ يَكُونُ فِي الْمَعْلُومِ لَا فِي الْعِلْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute