للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٢ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , وَأَبُو زَكَرِيَّا يَحْيَى بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الْمُزَكِّي قَالَا: أنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الشَّيْبَانِيُّ أنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْوَهَّابِ , أنا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ , أنا مُوسَى الْجُهَنِيُّ , عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: ⦗٦٧⦘ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: عَلِّمْنِي كَلَامًا أَقُولُهُ: قَالَ: «قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ» , قَالَ: هَذَا لِرَبِّي فَمَا لِي؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَعَافِنِي وَارْزُقْنِي» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهَيْنِ آخَرِينَ عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ الْحَلِيمِيُّ فِي مَعْنَى الْحَكِيمِ: الَّذِي لَا يَقُولُ وَلَا يَفْعَلُ إِلَّا الصَّوَابُ , وَإِنَّمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوصَفَ بِذَلِكَ لِأَنَّ أَفْعَالَهُ سَدِيدَةٌ , وَصُنْعَهُ مُتْقَنٌ , وَلَا يَظْهَرُ الْفِعْلُ الْمُتْقَنُ السَّدِيدُ إِلَّا مِنْ حَكِيمٍ , كَمَا لَا يَظْهَرُ الْفِعْلُ عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ إِلَّا مِنْ حَيٍّ عَالِمٍ قَدِيرٍ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: الْحَكِيمُ هُوَ الْمُحْكِمُ لِخَلْقِ الْأَشْيَاءِ صُرِّفَ عَنْ مِفْعَلٍ إِلَى فَعِيلٍ , وَمَعْنَى الْإِحْكَامِ لِخَلْقِ الْأَشْيَاءِ إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى إِتْقَانِ التَّدْبِيرِ فِيهَا , وَحُسْنِ التَّقْدِيرِ لَهَا , إِذْ لَيْسَ كُلُّ الْخَلِيقَةِ مَوْصُوفًا بِوَثَاقَةِ الْبِنْيَةِ وَشِدَّةِ الْأَسْرِ كَالْبَقَّةِ وَالنَّمْلَةِ , وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ ضِعَافِ الْخَلْقِ , إِلَّا أَنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِمَا وَالدَّلَالَةُ بِهِمَا عَلَى وُجُودِ الصَّانِعِ وَإِثْبَاتِهِ , لَيْسَ بِدُونِ الدَّلَالَةِ عَلَيْهِ بِخَلْقِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ , وَسَائِرِ مَعَاظِمِ الْخَلِيقَةِ , وَكَذَلِكَ هَذَا فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة: ٧] , لَمْ تَقَعِ الْإِشَارَةُ بِهِ إِلَى الْحُسْنِ الرَّائِقِ فِي الْمَنْظَرِ , فَإِنَّ هَذَا الْمَعْنَى مَعْدُومٌ فِي الْقِرْدِ وَالْخِنْزِيرِ وَالدُّبِّ وَأَشْكَالِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ , وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ الْمَعْنَى فِيهِ إِلَى حُسْنِ التَّدْبِيرِ فِي إِنْشَاءِ كُلِّ خَلْقٍ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى مَا أَحَبَّ أَنْ يُنْشِئَهٌ عَلَيْهِ , وَإِبْرَازِهِ عَلَى الْهَيْئَةِ الَّتِي أَرَادَ أَنْ يُهَيِّئَهُ عَلَيْهَا كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا} [الفرقان: ٢] وَمِنْهَا «السَّيِّدُ» وَهَذَا اسْمٌ لَمْ يَأْتِ بِهِ الْكِتَابُ وَلَكِنَّهُ مَاثُورٌ عَنِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>