٥٩٦ - وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْأَدِيبُ، أنا أَبُو بَكْرِ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، ثنا الْقَاسِمُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثنا عَلِيُّ يَعْنِي ابْنَ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ أَهْلُ الْكِتَابِ يَقْرَأُونَ التَّوْرَاةَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، فَيُفَسِّرُونَهَا بِالْعَرَبِيَّةِ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا تُصَدِّقُوا أَهْلَ الْكِتَابِ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ، وَقُولُوا: آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ. قُلْتُ: وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ إِنْ صَدَقُوا فِيمَا فَسَّرُوا مِنْ كِتَابِهِمْ بِالْعَرَبِيَّةِ، كَانَ ذَلِكَ مِمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ عَلَى مَعْنَى الْعِبَارَةِ عَمَّا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ، وَكَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْعِبَارَاتِ، فَبِأَيِّ لِسَانٍ قُرِئَ كَانَ قَدْ قُرِئَ كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى، إِلَّا أَنَّهُ إِنَّمَا يُسَمَّى تَوْرَاةً إِذَا قُرِئَ بِالْعِبْرَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى إِنْجِيلًا إِذَا قُرِئَ بِالسُّرْيَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا يُسَمَّى قُرْآنَا إِذَا قُرِئَ بِالْعَرَبِيَّةِ عَلَى اللُّغَاتِ السَّبْعِ الَّتِي أَذِنَ صَاحِبُ الشَّرْعِ فِي قِرَاءَتِهِ عَلَيْهِنَّ، لِنُزُولِهِ عَلَى لِسَانِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى تِلْكَ اللُّغَاتِ دُونَ غَيْرِهِنَّ؛ وَلِمَا فِي نَظْمِهِ مِنَ الْإِعْجَازِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ ⦗٢٦⦘ الْأَمِينُ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ} [الشعراء: ١٩٣] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكَمًا عَرَبِيًّا} [الرعد: ٣٧] وَقَالَ تَعَالَى: {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الشورى: ٧] وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بِشْرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيُّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيُّ مُبِينٌ} [النحل: ١٠٣] وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا} [الإسراء: ٨٨]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute