٦٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْوَلِيدِ الْفَقِيهَ , يَقُولُ: سَأَلْتُ أَبَا الْعَبَّاسِ بْنَ سُرَيْجٍ قُلْتُ: مَا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: " إِنَّ الْقُرْآنَ أُنْزِلَ أَثْلَاثًا: ثُلُثٌ مِنْهَا أَحْكَامٌ وَثُلُثٌ مِنْهَا وَعْدٌ وَوَعِيدٌ , وَثُلُثٌ مِنْهَا الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ وَقَدْ جُمِعَ فِي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ , أَحَدُ الْأَثْلَاثِ وَهُوَ الْأَسْمَاءُ وَالصِّفَاتُ , فَقِيلَ: إِنَّهَا ثُلُثُ الْقُرْآنِ وَمِنْهَا «الْمَجِيدُ» قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: ١٥] , وَقَالَ: {إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} [هود: ٧٣] , وَرُوِّينَاهُ فِي خَبَرِ الْأَسَامِي قَالَ الْحَلِيمِيُّ وَمَعْنَاهُ الْمَنِيعُ الْمَحْمُودُ لِأَنَّ الْعَرَبَ لَا تَقُولُ لِكُلِّ مَحْمُودٍ مَجِيدًا , وَلَا لِكُلِّ مَنِيعٍ مَجِيدًا , وَقَدْ يَكُونُ الْوَاحِدُ مَنِيعًا غَيْرَ مَحْمُودٍ كَالْمُتَآمِرِ الْخَلِيعِ الْجَائِرِ أَوِ اللِّصِّ الْمُتَحَصِّنِ بِبَعْضِ الْقِلَاعِ وَقَدْ ⦗١١١⦘ يَكُونُ مَحْمُودًا غَيْرَ مَنِيعٍ كَأَمِيرِ السُّوقَةِ وَالْمُصَابِرِينَ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ , فَلَمَّا لَمْ يَقُلْ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا: مَجِيدٌ، عَلِمْنَا أَنَّ الْمَجِيدَ مَنْ جَمَعَ بَيْنَهُمَا وَكَانَ مَنِيعًا لَا يُرَامُ , وَكَانَ فِي مَنْعَتِهِ حَسَنَ الْخِصَالِ جَمِيلَ الْفِعَالِ وَالْبَارِي جَلَّ ثَنَاؤُهُ يَجِلُّ عَنْ أَنْ يُرَامَ أَوْ يُوصَلَ إِلَيْهِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ مُحْسِنٌ مُنْعِمٌ مُجْمِلٌ مُفْضِلٌ لَا يَسْتَطِيعُ الْعَبْدُ أَنْ يُحْصِيَ نِعْمَتَهُ وَلَوِ اسْتَنَفَدَ فِيهِ مُدَّتَهُ , فَاسْتَحَقَّ اسْمَ الْمَجِيدِ وَمَا هُوَ أَعْلَى مِنْهُ , قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ: الْمَجِيدُ الْوَاسِعُ الْكَرِيمُ , وَأَصْلُ الْمَجْدِ فِي كَلَامِهِمُ السَّعَةُ , يُقَالُ: رَجُلٌ مَاجِدٌ إِذَا كَانَ سَخِيًّا وَاسِعَ الْعَطَاءِ وَقِيلَ فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ} [ق: ١] , إِنَّ مَعْنَاهُ الْكَرِيمُ وَقِيلَ: الشَّرِيفُ وَمِنْهَا «الْقَرِيبُ» قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} [البقرة: ١٨٦] , وَقَالَ جَلَّ وَعَلَا: {إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ} [سبأ: ٥٠] وَرُوِّينَاهُ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْحُصَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute