للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٧٧٣ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، نا أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ الصَّفَّارُ، نا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ اللَّبَّادُ، نا عَمْرُو بْنُ حَمَّادِ بْنِ طَلْحَةَ، نا أَسْبَاطُ بْنُ نَصْرٍ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، وَعَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ، فِي قِصَّةِ خَلْقِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ: " فَبَعَثَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِلَى الْأَرْضِ لِيَأْتِيَهُ بِطِينٍ مِنْهَا، فَقَالَتِ الْأَرْضُ: إِنِّي أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ أَنْ تَنْقُصَ مِنِّي أَوْ تُشِينَنِي. فَرَجَعَ وَلَمْ يَأْخُذْهُ، وَقَالَ: رَبِّ إِنَّهَا عَاذَتْ بِكَ فَأَعَذْتُهَا، فَبَعَثَ مِيكَائِيلَ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا، فَرَجَعَ فَقَالَ كَمَا قَالَ جِبْرِيلُ، فَبَعَثَ مَلَكُ الْمَوْتِ فَعَاذَتْ مِنْهُ فَأَعَاذَهَا فَرَجَعَ فَقَالَ: وَأَنَا أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَرْجِعَ وَلَمْ أُنْفِذْ أَمَرَهُ. فَأَخَذَ مِنْ وَجْهِ الْأَرْضِ، وَخَلَطَ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَأَخَذَ مِنْ تُرْبَةٍ حَمْرَاءَ وَبَيْضَاءَ وَسَوْدَاءَ. فَلِذَلِكَ خَرَجَ بَنُو آدَمَ مُخْتَلِفَيْنَ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ آدَمَ لِأَنَّهُ أُخِذَ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ، فَصَعِدَ بِهِ فَبَلَّ التُّرَابَ حَتَّى عَادَ طِينًا لَازِبًا - اللَّازِبُ هُوَ الَّذِي يَلْزَقُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ - ثُمَّ تُرِكَ حَتَّى أَنْتَنَ فَذَلِكَ ⦗٢١١⦘ حَيْثُ يَقُولُ {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [سورة: الحجر، آية رقم: ٢٦] قَالَ: مُنْتِنٌ، ثُمَّ قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: {إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [سورة: ص، آية رقم: ٧٢] فَخَلَقَهُ اللَّهُ بِيَدِهِ لِئَلَّا يَتَكَبَّرُ إِبْلِيسُ عَنْهُ لَيَقُولَ لَهُ: أَتَتَكَبَّرُ عَمَّا عَمِلْتَ بِيَدِي، وَلَمْ أَتَكَبَّرْ أَنَا عَنْهُ، فَخَلَقَهُ بَشَرًا فَكَانَ جَسَدًا مِنْ طِينٍ أَرْبَعِينَ سَنَةً مِنْ مِقْدَارِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ: فَمَرَّتْ بِهِ الْمَلَائِكَةُ فَفَزِعُوا مِنْهُ لَمَّا رَأَوْهُ، وَكَانَ أَشَدُّهُمْ فَزَعًا مِنْهُ إِبْلِيسَ، وَكَانَ يَمُرُّ بِهِ فَيَضْرِبُهُ فَيُصَوِّتُ الْجَسَدَ كَمَا يُصَوَّتُ الْفَخَّارَ، تَكُونُ لَهُ صَلْصَلَةٌ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ {مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ} [سورة: الرحمن، آية رقم: ١٤] وَيَقُولُ لِأَمْرٍ مَا: خَلَقْتُ، وَدَخَلَ مِنْ فَمِهِ فَخَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ، فَقَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: لَا تَرْهَبُوا مِنْ هَذَا فَإِنَّهُ أَجْوَفُ، وَلَئِنْ سُلِّطْتُ عَلَيْهِ لَأُهْلِكَنَّهُ. فَلَمَّا بَلَغَ الْحِينَ الَّذِي أُرِيدَ أَنْ يُنْفَخَ فِيهِ الرُّوحُ، قَالَ لِلْمَلَائِكَةِ: إِذَا نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَاسْجُدُوا لَهُ، فَلَمَّا نَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ فَدَخَلَ الرُّوحُ فِي رَأْسِهِ عَطَسَ، فَقَالَتْ لَهُ الْمَلَائِكَةُ: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: رَحِمَكَ رَبُّكَ، فَلَمَّا دَخَلَ الرُّوحُ فِي عَيْنَيْهِ نَظَرَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا دَخَلَ فِي جَوْفِهِ اشْتَهَى الطَّعَامَ فَوَثَبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ الرُّوحُ رِجْلَيْهِ عَجْلَانَ إِلَى ثِمَارِ الْجَنَّةِ، فَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَجَلٍ} [سورة: الأنبياء، آية رقم: ٣٧] , {فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى} [سورة: الحجر، آية رقم: ٣٠] أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ. وَذَكَرَ الْقِصَّةَ. وَبِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي قِصَّةِ مَرْيَمَ وَابْنَهَا، قَالُوا: خَرَجَتْ مَرْيَمُ إِلَى جَانِبِ الْمِحْرَابِ لِحَيْضٍ أَصَابَهَا، فَلَمَّا طَهُرَتْ إِذَا هِيَ بِرَجُلٍ مَعَهَا، وَهُوَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [سورة: مريم، آية رقم: ١٧] وَهُوَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَفَزِعَتْ مِنْهُ وَقَالَتْ {إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [سورة: مريم، آية رقم: ١٨] قَالَ: {إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [سورة: مريم، آية رقم: ١٩] الْآَيَةَ فَخَرَجَتْ وَعَلَيْهَا جِلْبَابُهَا، فَأَخَذَ بِكُمِّهَا فَنَفَخَ فِي جَيْبِ دِرْعِهَا وَكَانَ مَشْقُوقًا مِنْ قُدَّامِهَا، فَدَخَلَتِ النَّفْخَةُ صَدْرَهَا فَحَمَلَتْ، فَأَتَتْهَا أُخْتُهَا امْرَأَةُ زَكَرِيَّا لَيْلَةً لِتَزُورَهَا، فَلَمَّا فَتَحَتْ لَهَا الْبَابَ الْتَزَمَتْهَا، فَقَالَتِ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا: يَا مَرْيَمُ أَشَعَرْتِ أَنِّي حُبْلَى؟ قَالَتْ مَرْيَمُ: أَشَعَرْتِ أَيْضًا أَنِّي حُبْلَى؟ قَالَتِ ⦗٢١٢⦘ امْرَأَةُ زَكَرِيَّا: فَإِنَّى وَجَدْتُ مَا فِي بَطْنِي يَسْجُدُ لِلَّذِي فِي بَطْنِكِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [سورة: آل عمران، آية رقم: ٣٩] وَذَكَرَ الْقِصَّةَ قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَالرُّوحُ الَّذِي مِنْهُ نُفِخَ فِي آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ خَلْقًا مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى، جَعَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ حَيَاةَ الْأَجْسَامِ بِهِ، وَإِنَّمَا أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ عَلَى طَرِيقِ الْخَلْقِ وَالْمِلْكِ، لَا أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ، وَهُوَ كَقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ} [سورة: الجاثية، آية رقم: ١٣] أَيْ مِنْ خَلْقِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>