للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٠١ - أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ فُورَكٍ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ، ثنا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ يَعْنِي الْعُقَيْلِيَّ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكْرَهُ أَنْ يُسْأَلَ، فَإِذَا سَأَلَهُ أَبُو رَزِينٍ أَعْجَبَهُ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيْنَ كَانَ رَبُّنَا قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ ⦗٢٣٦⦘ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ؟ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَانَ فِي عَمَاءٍ مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ، وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ ثُمَّ خَلَقَ الْعَرْشَ عَلَى الْمَاءِ» . هَذَا حَدِيثٌ تَفَرَّدَ بِهِ يَعْلَى بْنُ عَطَاءٍ عَنْ وَكِيعِ بْنِ حُدُسٍ، وَيُقَالُ: ابْنُ عُدُسٍ، وَلَا نَعْلَمُ لِوَكِيعِ بْنُ عُدُسٍ هَذَا رَاوِيًا غَيْرَ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، وَوَجَدْتُهُ فِي كِتَابِي. «فِي عَمَاءٍ» . مُقَيْدًا بِالْمَدِّ، فَإِنْ كَانَ فِي الْأَصْلِ مَمْدُودًا فَمَعْنَاهُ سَحَابٌ رَقِيقٌ. وَيُرِيدُ بِقَوْلِهِ «فِي عَمَاءٍ» . أَيْ: فَوْقَ سَحَابٍ مُدْبِرًا لَهُ وَعَالِيًا عَلَيْهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ} [الملك: ١٦] يَعْنِي: مَنْ فَوْقَ السَّمَاءِ. وَقَالَ: {وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: ٧١] يَعْنِي: عَلَى جُذُوعِهَا. وَقَوْلُهُ: «مَا فَوْقَهُ هَوَاءٌ» أَيْ مَا فَوْقَ السَّحَابِ هَوَاءٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَمَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ» أَيْ: مَا تَحْتَ السَّحَابِ هَوَاءٌ، وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ مِنَ الْعَمَا مَقْصُورًا، وَالْعَمَا إِذَا كَانَ مَقْصُورًا، فَمَعْنَاهُ: لَا شَيْءَ ثَابِتٌ، لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْمَى عَلَى الْخَلْقِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ شَيْءٍ، وَكَأَنَّهُ قَالَ فِي جَوَابِهِ: كَانَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ خَلْقَهُ وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ غَيْرَهُ. كَمَا قَالَ فِي حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، ثُمَّ قَالَ «فَمَا فَوْقَهُ وَلَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ» . أَيْ: لَيْسَ فَوْقَ الْعَمَى الَّذِي لَا شَيْءَ مَوْجُودٌ هَوَاءٌ، وَلَا تَحْتَهُ هَوَاءٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ إِذَا كَانَ غَيْرَ شَيْءٍ فَلَيْسَ يَثْبُتُ لَهُ هَوَاءٌ بِوَجْهٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ صَاحِبُ الْغَرِيبَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: مَعْنَاهُ أَيْنَ كَانَ عَرْشُ رَبِّنَا؟ فَحُذِفَ اخْتِصَارًا كَقَوْلِهِ: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] أَيْ: أَهْلَ الْقَرْيَةِ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ»

<<  <  ج: ص:  >  >>