للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٠٩ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنِي يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ح. وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ غَالِبٍ الْخُوَارِزْمِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشِنْجِيُّ، ثنا أَبُو يَعْقُوبَ ⦗٢٤٦⦘ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ سَعِيدٌ: جَاءَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، إِنِّي أَجِدُ فِي الْقُرْآنِ أَشْيَاءَ تَخْتَلِفُ عَلِيَّ، فَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي صَدْرِي. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَكْذِيبٌ؟ فَقَالَ الرَّجُلُ: مَا هُوَ بِتَكَذِيبٍ وَلَكِنِ اخْتِلَافٌ. قَالَ: فَهَلُمَّ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِكَ. قَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَسْمَعُ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَأَقْبَلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الصافات: ٢٧] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢] ، وَقَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] فَقَدْ كَتَمُوا فِي هَذِهِ الْآيَةِ. وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أُمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا، رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا، وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٢٨] فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَلْقَ السَّمَاءِ قَبْلَ خَلَقِ الْأَرْضِ، ثُمَّ قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكْ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت: ٩] فَذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ خَلْقَ الْأَرْضِ قَبْلَ السَّمَاءِ، وَقَوْلُهُ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦] ، ⦗٢٤٧⦘ {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ١٥٨] ، {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ١٣٤] وَكَأَنَّهُ كَانَ ثُمَّ مَضَى، وَفِي رِوَايَةِ الْخُوَارِزْمِيِّ ثُمَّ تقَضَى. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: هَاتِ مَا وَقَعَ فِي نَفْسِكَ مِنْ هَذَا. فَقَالَ السَّائِلُ: إِذَا أَنْتَ أَنْبَأْتَنِي بِهَذَا فَحَسْبِي. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ} [المؤمنون: ١٠١] فَهَذِهِ فِي النَّفْخَةِ الْأُولَى، يُنْفَخُ فِي الصُّوَرِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّه فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ، ثُمَّ إِذَا كَانَ فِي النَّفْخَةِ الْأُخْرَى قَامُوا فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام: ٢٣] وَقَوْلُهُ: {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢] فَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَغْفِرُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِأَهْلِ الْإِخْلَاصِ ذُنُوبَهُمْ وَلَا يَتَعَاظَمُ عَلَيْهِ ذَنْبٌ أَنْ يَغْفِرَهُ، وَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ، فَلَمَّا رَأَى الْمُشْرِكُونَ ذَلِكَ قَالُوا: إِنَّ رَبَّنَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ وَلَا يَغْفِرُ الشِّرْكَ، فَتَعَالَوْا نَقُولُ: إِنَّا كُنَّا أَهْلَ ذُنُوبٍ وَلَمْ نَكُنْ مُشْرِكِينَ. فَقَالَ الْلَّهُ تَعَالَى: أَمَا إِذْ كَتَمْتُمُ الشِّرْكَ فَاخْتِمُوا عَلَى أَفْوَاهِهِمْ، فَيُخْتَمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ فَتَنْطِقُ أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ، فَعِنْدَ ذَلِكَ عَرَفَ الْمُشْرِكُونَ أَنَّ اللَّهَ لَا يُكْتَمُ حَدِيثًا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} [النساء: ٤٢] . وَأَمَّا قَوْلُهُ: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أُمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٢٧] فَإِنَّهُ خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ، ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ فَسَوَّاهُنَّ فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ فَدَحَاهَا، وَدَحْوُهَا أَنْ أَخْرَجَ مِنْهَا الْمَاءَ وَالْمَرْعَى وَشَقَّ فِيهَا الْأَنْهَارَ، وَجَعَلَ فِيهَا السُّبُلَ، وَخَلَقَ الْجِبَالَ وَالرِّمَالَ وَالْآكَامَ وَمَا فِيهَا فِي يَوْمَيْنِ آخَرَيْنِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠] ، وَقَوْلُهُ: {أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ ⦗٢٤٨⦘ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ} [فصلت: ٩] فَجُعِلَتِ الْأَرْضُ وَمَا فِيهَا مِنْ شَيْءٍ فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَجُعِلَتِ السَّمَاوَاتُ فِي يَوْمَيْنِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: ٩٦] ، {وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا} [النساء: ١٥٨] ، {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} [النساء: ١٣٤] فَإِنَّ اللَّهَ سَمَّى نَفْسَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ لِأَحَدٍ غَيْرِهِ. وَفِي رِوَايَةِ الْخُوَارِزْمِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَلَمْ يَنْحَلْهُ أَحَدًا غَيْرَهُ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَكَانَ اللَّهُ} [النساء: ١٧] . أَيْ: لَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا لِلرَّجُلِ: احْفَظْ عَنِّي مَا حَدَّثْتُكَ، وَاعْلَمْ أَنَّ مَا اخْتَلَفَ عَلَيْكَ مِنَ الْقُرْآنِ أَشْبَاهُ مَا حَدَّثْتُكَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُنْزِلْ شَيْئًا إِلَّا قَدْ أَصَابَ بِهِ الَّذِي أَرَادَ، وَلَكِنَّ النَّاسَ لَا يَعْلَمُونَ فَلَا يَخْتَلِفَنَّ عَلَيْكَ الْقُرْآنُ فَإِنَّ كَلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى. أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّرْجَمَةَ، فَقَالَ: وَقَالَ الْمِنْهَالُ: فَذَكَرَهُ: ثُمَّ قَالَ فِي آخِرِهِ: حَدَّثَنِيهِ يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ. قُلْتُ: وَبَلَغَنِي عَنْ مُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ التَّفْسِيرِ فِي قَوْلِهِ: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا} [النازعات: ٣٠] مَعْنَاهُ: وَالْأَرْضَ مَعَ ذَلِكَ دَحَاهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>