للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٤١ - أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْحَرْبِيُّ بِبَغْدَادَ، ثنا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ سَلْمَانَ الْفَقِيهُ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ، ثنا مَالِكٌ، عَنْ ⦗٢٧٩⦘ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ: إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ. وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ: الْقَوْلُ فِيهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: أَنَّهُ أَرَادَ بِالْكِتَابِ أَحَدَ شَيْئَيْنِ إِمَّا: الْقَضَاءَ الَّذِي قَضَاهُ وَأَوْجَبَهُ كَقَوْلِهِ: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} [المجادلة: ٢١] أَيْ: قَضَى اللَّهُ وَأَوْجَبَ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» . أَيْ: فَعِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى فَوْقَ الْعَرْشِ لَا يَنْسَاهُ وَلَا يَنْسَخُهُ وَلَا يُبَدِّلُهُ، كَقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا: {قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى} [طه: ٥٢] ؛ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالْكِتَابِ اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ أَصْنَافِ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ، وَبَيَانُ أُمُورِهِمْ وَذِكْرُ آجَالِهِمْ وَأَرْزَاقِهِمْ، وَالْأَقْضِيَةُ النَّافِذَةُ فِيهِمْ، وَمَآلُ عَوَاقِبِ أُمُورِهِمْ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ: «فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ» . أَيْ: فَذِكْرُهُ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ، وَيُضْمَرُ فِيهِ الذِّكْرُ أَوِ الْعِلْمُ، وَكُلُّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِي الْكَلَامِ، سَهْلٌ فِي التَّخْرِيجِ، عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ خَلْقُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَخْلُوقٌ لَا يستحيلُ أَنْ يَمَسَّهُ كِتَابُ مَخْلُوقٌ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ حَمَلَةُ الْعَرْشِ قَدْ رُوِيَ أَنَّ الْعَرْشَ عَلَى كَوَاهِلِهِمْ، وَلِيسَ يَسْتَحِيلُ أَنْ يُمَاسُّوا الْعَرْشَ إِذَا حَمَلُوهُ، وَإِنْ كَانَ حَامِلُ الْعَرْشِ وَحَامِلُ حَمَلْتِهِ فِي ⦗٢٨٠⦘ الْحَقِيقَةِ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُسْلِمِينَ: إِنَّ اللَّهَ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، هُوَ أَنَّهُ مُمَاسٌّ لَهُ، أَوْ مُتَمَكِّنٌ فِيهِ، أَوْ مُتَحَيِّزٌ فِي جِهَةٍ مِنْ جِهَاتِهِ، لَكِنَّهُ بَائِنٌ مِنْ جَمِيعِ خَلْقِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ خَبَرٌ جَاءَ بِهِ التَّوْقِيفُ فَقُلْنَا بِهِ، وَنَفَيْنَا عَنْهُ التَّكْيِيفَ، إِذْ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "

<<  <  ج: ص:  >  >>