٩٢٥ - أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، ثنا حَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، ثنا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} [النجم: ١٣] قَالَ: رَأَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، فَاتَّفَقَتْ رِوَايَةُ ⦗٣٥٢⦘ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةَ بِنْتِ الصِّدِّيقِ وَأَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ أُنْزِلَتْ فِي رُؤْيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَفِي بَعْضِهَا أُسْنِدَ الْخَبَرُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَعْنَى مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي تَقْدِيرِ قَوْلِهِ: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: ٩] عَلَى مَا تَأَوَّلَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ وَعَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ رُؤْيَتِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَتِهِ الَّتِي خُلِقَ عَلَيْهَا، وَالدُّنُوُّ مِنْهُ عِنْدَ الْمَقَامِ الَّذِي رُفِعَ إِلَيْهِ وَأُقِيمَ فِيهِ قَوْلُهُ: {دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: ٨] الْمَعْنِيُّ بِهِ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ تَدَلَّى مِنْ مَقَامِهِ الَّذِي جُعِلَ لَهُ فِي الْأُفُقِ الْأَعْلَى فَاسْتَوَى، أَيْ وَقَفَ وَقْفَةً {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: ٨] أَيْ نَزَلَ حَتَّى كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمِصْعَدِ الَّذِي رُفِعَ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى فِيمَا يَرَاهُ الرَّائِي وَيُقَدِّرُهُ الْمُقَدِّرُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: دَنَا جِبْرِيلُ فَتَدَلَّى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدًا لِرَبِّهِ. وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ «رَأَى رَفْرَفًا» . يُرِيدُ: جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي صُورَتِهِ عَلَى رَفْرَفٍ، وَالرَّفْرَفُ الْبِسَاطُ، وَيُقَالُ: فِرَاشٌ، وَيُقَالُ: بَلْ هُوَ ثَوْبٌ كَانَ لِبَاسًا لَهُ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُ رَآهُ فِي حُلَّةِ رَفْرَفٍ. قُلْتُ: وَفِي حَدِيثِ قَتَادَةَ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيَّ فِي قَوْلِهِ: " {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: ١٠] قَالَ: عَبْدُهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، أَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى جِبْرِيلَ، وَرَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجَابَ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ ذَهَبَ فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ إِلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْحَى إِلَى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَا أَوْحَى، ثُمَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَلْقَاهُ إِلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَرَأَى مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحِجَابَ، يُرِيدُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ: مَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ مِنْ رُؤْيَتِهِ النُّورَ الْأَعْظَمَ وَدُونَهُ الْحِجَابُ رَفْرَفُ الدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute