فقد بين صلى الله عليه وسلم أن الأمان بوجوده هو في حياته، وأنه بعد موته لم يبق إلا الاستغفار، ليس في وجود القبر أمان.
وكذلك في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد. وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون. وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهبت أصحابي أتى أمتي ما يوعدون).
ومما يوضح الأمر في ذلك أنه من المعلوم أن بيت المقدس وما حوله من قبور الأنبياء ما هو أكثر من غيره، فإنه قد قيل: إن بني إسرائيل بعث فيهم ألف نبي، ومع هذا فقد قال الله تعالى:{وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين -إلى قوله- عسى ربكم أن يرحمكم وإن عدتم عدنا} [سورة الإسراء: (٤ - ٨)]، فقد بين الله أنهم إذا غلوا وأفسدوا عاقبهم الله بذنوبهم وسلط عليهم العدو الذي جاس خلال الديار ودخل / المسجد وقتل فيهم من لا يحصي عدده إلا الله، ولم يخفرهم أحد من قبور الأنبياء التي كانت هناك. وإنما الناس يجزون بأعمالهم، والله تعالى هو الذي يرزقهم وينصرهم، لا رازق غيره ولا ناصر إلا هو قال تعالى:{أمن هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن} الآيتين [سورة الملك: (٢٠ - ٢١)]، فليس للعباد من دون الله لا رازق ولا ناصر. وقد قال تعالى:{وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة} الآية [سورة الإسراء: (٥٨)]، فأخبر أنه لا بد لكل قرية من هلاك، أو عذاب شديد بدون الهلاك، وذلك بذنوبهم بعد إرسال