الملك لمن يكون بعيدًا عنه. وقد ينذر لهم أو يأتي بقربان بلا نذر، ويتقربون إليهم بما ينذرونه ويهدونه إلى قبورهم كما يتقرب المسلمون بما يتقربون به إلى الله من الصدقات والضحايا، وكما يهدون إلى مكة أنواع الهدي.
ومنهم يجعل لصاحب القبر نصيبًا من ماله أو بعض ماله، أو يجعل ولده له كما كان المشركون يفعلون بآلهتم.
ومنهم من يسيب لهم السوائب فلا يذبح ولا يركب ما يسيب لهم من بقر وغيرها، كما كان المشركون يسيبون لطواغيتهم، فهذا صنف.
وصنف ثان يحجون إلى قبورهم لما عندهم من المحبة للميت والشوق إليه أو التعظيم والخضوع له، فيجعلون السفر إلى قبره أو إلى صورته الممثلة تقوم مقام السفر إلى نفسه لو كان حيًّا، ويجدون بذلك أنسًا في قلوبهم وطمأنينة وراحة، كما يحصل لكثير من المحبين إذا رأى قبر محبوبه، وكما يحصل للقريب والصديق إذا رأى قبر قريبه وصديقه، لكن ذاك حب وتعظيم ديني فهو أعظم تأثيرًا في النفوس، ولهذا يجد كل قوم عند قبر من يحبونه ويعظمونه ما لا يجدونه عند قبر غيره وإن كان أفضل.
وكثير من أتباع المشايخ والأئمة يجد عند قبر شيخه وإمامه ما لا يجده عند قبور الأنبياء، لا نبينا ولا غيره. وذلك لأن الوجد الذي يجدونه ليس سببه نفس فضيلة المزور، بل سببه ما قام بنفوسهم من حبه وتعظيمه، وإن كان هو لا يستحق