فيهم:{ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادًا يحبونهم كحب الله. والذين آمنوا أشد حبًّا لله} [سورة البقرة: (١٦٥)]، والحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، كما جاء في الحديث. وحب ند مع الله شرك لا يغفره الله، فأين هذا من هذا؟ والمحبة التي أوجبها الله لرسوله وللمؤمنين لا تختص ببقعة ولا تختص بقبورهم ولا غيرها، وكذلك سائر حقوقهم من الإيمان بهم وما يدخل في ذلك فإن ذلك واجب في كل موضع، وكذلك الصلاة / والسلام على الرسول وغير ذلك. فمن يجد قلبه عند قبر الرسول أكثر محبة له وتعظيمًا ولسانه أكثر صلاة عليه وتسليمًا مما يجده في سائر المواضع كان ذلك دليلاً على أنه ناقص الحظ مبخوس النصيب من كمال المحبة والتعظيم، وكان فيه من نقص الإيمان وانخفاض الدرجة بحسب هذا التفاوت، بل المأمور به أن تكون محبته وتعظيمه وصلاته وتسليمه عند غير القبر أعظم، فإن القبر قد حيل بين الناس وبينه، وقد نهى أن يتخذ عيدًا، ودعا الله أن لا يجعل قبره وثنًا، فإن لم يجد إيمانه به ومحبته له وتعظيمه له وصلاته عليه وتسليمه عليه إذا كان في بلده أعظم مما يكون لو كان في نفس الحجرة من داخل لكان ناقص الحظ من الدين وكمال الإيمان واليقين، فكيف إذا لم يكن من داخل بل من خارج؟ فهذا هذا، والله أعلم.
الوجه الرابع: أن يقال: عداوة الأنبياء وعنادهم هو بمخالفتهم لا بموافقتهم، كمن نهى عما أمروا به من عبادة الله وحده، وأمر بما نهوا عنه من الشرك