يضرك -إلى قوله- فلا كاشف له إلا هو} [سورة يونس:(١٠٦ - ١٠٧)]، وهذا باب واسع.
والمقصود أن أدنى من يعد من طلبة العلم يعلم أن أفعال العباد إذا تكلم فيها بالأمر والنهي والإيجاب والتحريم وهل هذا السفر جائز أو مستحب أو محرم أو مكروه -سواء كان إلى مسجد أو إلى قبر نبي أو غير ذلك- لم يدخل شيء من هذا في مسائل تنقيص الأنبياء وسبهم، بل أبلغ من هذا أنه إذا تكلم في مسائل العصمة، وهل يجوز على الأنبياء الذنوب أو لا يجوز، واختار مختار أحد القولين لم يقل أحد من المسلمين إن هذا تنقص وسب ومعاداة، وكذلك السؤال بالأنبياء في الدعاء مثل أن يقول الداعي: أسألك بحق الأنبياء / عليك، نهى أبو حنيفة عنه، وطائفة ترخص في هذا، ولم يقل أحد إن كل من نهى عن ذلك قد تنقص الأنبياء وعاداهم أو سبهم.
والقاضي عياض رحمه الله مع أنه أبلغ الناس في مسائل العصمة وفي مسائل السب قد ذكر هذا لئلا يقع فيه هؤلاء الجهال الذين يجعلون الكلام العلمي والاستدلال بالأدلة الشرعية والاجتهاد في متابعة الرسول والأنبياء من باب المعاداة والسب والتنقص؛ ولا ريب أن هذا الباب إن كان فيه معاداة وتنقص لهم فمن خالفهم وأمر بما نهوا عنه ونهى عما أمروا به وقال عنهم الكذب ونسب إليهم ما نزههم الله منه، مثل هؤلاء الجهال المفترين كان هو أولى بالمعاداة والسب والتنقص، كما قد بسط في مواضع أخر.