السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. وإذا دخلت المسجد فقل السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإذا دخلت على أهلك فقل السلام عليكم. قلت: والآثار مبسوطة في مواضع.
والمقصود هنا أن يعرف ما كان عليه السلف من الفرق بين ما أمر الله به من الصلاة والسلام عليه وبين سلام التحية الموجب للرد الذي يشترك فيه كل مؤمن حي وميت ويرد فيه على الكافر، ولهذا كان الصحابة بالمدينة على عهد الخلفاء الراشدين ومن بعدهم إذا دخلوا المسجد لصلاة أو اعتكاف أو تعليم أو تعلم أو ذكر لله ودعاء له ونحو ذلك مما شرع في المساجد لم يكونوا يذهبون إلى ناحية القبر فيزورونه هناك، ولا يقفون خارج الحجرة كما لم يكونوا يدخلون الحجرة أيضًا لزيارة قبره، فلم تكن الصحابة بالمدينة يزورون قبره صلى الله عليه وسلم لا من المسجد خارج الحجرة ولا داخل الحجرة، ولا كانوا أيضًا يأتون من بيوتهم لمجرد زيارة قبره صلى الله عليه وسلم، بل هذا من البدع التي أنكرها الأئمة والعلماء، وإن كان الزائر منهم ليس مقصوده إلا الصلاة والسلام عليه، وبينوا أن السلف لم يفعلوها كما ذكره مالك في المبسوط، وقد ذكره أصحابه كأبي الوليد الباجي والقاضي عياض وغيرهما، قيل لمالك: إن ناسًا من أهل المدينة لا يقدمون من سفر ولا يريدونه يفعلون ذلك -أي يقفون على قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فيصلون عليه ويدعون له ولأبي بكر وعمر- يفعلون ذلك في اليوم مرة أو أكثر، وربما وقفوا في الجمعة أو الأيام المرة أو المرتين