لم تزل الفتنة إلا بتعفية قبره وتعميته فعل ذلك، كما فعله الصحابة بأمر عمر بن الخطاب في قبر دانيال.
وأما كون ذلك أعظم لقدره وأعلى لدرجته فلأن المقصود المشروع بزيارة قبور المؤمنين كأهل البقيع وشهداء أحد هو الدعاء لهم، كما كان هو يفعل ذلك إذا زارهم، وكما سنّه لأمّته، فلو سنّ للأمة أن يزوروا قبره للصلاة عليه والسلام عليه والدعاء له كما كان بعض أهل المدينة يفعل ذلك أحيانًا وبين مالك أنه بدعة لم يبلغه عن صدر هذه الأمة ولا عن أهل العلم بالمدينة وأنها مكروهة، فإنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، لكان بعض الناس يزوره ثم لتعظيمه في القلوب وعلم الخلق بأنه أفضل الرسل وأعظمهم جاهًا وأنه أوجه الشفعاء إلى ربه يدعو النفس إلى أن تطلب منه حاجاتها وأغراضها وتعرض عن حقه الذي هو له من الصلاة والسلام عليه والدعاء له، فإن الناس مع ربهم كذلك -إلا من أنعم الله