مستحبًّا فكلما كان أقرب كان أفضل كسائر القبور، وإن كان مقصودها ما يقوله أهل الشرك والضلال من دعائه ودعاؤه من القرب أولى فينبغي أن يكون من داخل الحجرة أولى. ولما ثبت بالنص والإجماع أن هذا القرب من القبر ممنوع منه [بالنص والإجماع]، وهو أيضًا غير مقدور عليه، علم أن القرب من ذلك ليس بمستحب، بخلاف زيارة قبر غيره والصلاة على قبره فإن القرب منه مستحب إذا لم يفض إلى مفسدة من شرك أو بدعة أو نياحة، فإن أفضى إلى ذلك منع من ذلك.
ومما يوضح هذا أن الشخص الذي يقصد أتْباعُه زيارة قبره يجعلون قبره بحيث يمكن زيارته، فيكون له باب يدخل منه إلى القبر، ويجعل عند القبر مكان للزائر إذا دخل بحيث يتمكن من القعود فيه، بل يوسع المكان ليسع الزائرين، ومن اتخذه مسجدًا جعل عنده صورة محراب أو قريبًا منه، وإذا كان الباب مغلقًا جعل له شباكًا على الطريق ليراه الناس منه فيدعونه، وقبر النبي صلى الله عليه وسلم بخلاف هذا كله: لم يجعل للزوار طريق إليه بوجه من الوجوه، ولا قبر في مكان كبير يسع الزوار، ولا جعل للمكان شباك يرى منه القبر، بل منع الناس من الوصول إليه والمشاهدة له.