والسفر إليه وإلى المسجد الحرام ونذر ذلك ونحو ذلك من المسائل، ولا يذكرون استحباب زيارة قبره لا بهذا اللفظ ولا بغيره.
فليس في الصحيحين وأمثالهما شيء من ذلك، ولا في عامة السنن [مثل النسائي] والترمذي وغيرهما، ولا في مسند الشافعي وأحمد وأسحاق وأمثالهم من الأئمة.
وطائفة أخرى ذكروا ما يتعلق بالقبر لكن بغير لفظ زيارة قبره، كما روى مالك في الموطأ عن ابن عمر أنه كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أبي بكر وعمر، كما قال أبو داود في سننه: باب ما جاء في زيارة القبر وذكر قوله: (ما من رجل يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)، ولهذا أكثر كتب الفقه المختصرة التي تحفظ ليس فيها استحباب زيارة قبره مع ما يذكرونه من أحكام / المدينة، وإنما يذكر ذلك قليل منهم، والذين يذكرون ذلك يفسرونه بإتيان المسجد كما تقدم، ومعلوم أنه لو كان هذا من سنته المعروفة عند أمته المعمول بها من زمن الصحابة والتابعين لكان ذكر ذلك مشهورًا عند علماء الإسلام في كل زمان، كما اشتهر ذكر الصلاة عليه والسلام عليه، وكما اشتهر عندهم ذكر مسجده وفضل الصلاة فيه، فلا يكاد يعرف مصنف للمسلمين في الحديث والفقه إلا وفيه ذكر الصلاة والسلام عليه، وذكر فضل مدينته والصلاة في مسجده.
ولهذا لما احتاج المنازعون في هذه المسألة إلى ذكر سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه وما كان عليه أصحابه لم يقدر أحد منهم على أن يستدل في ذلك بحديث منقول عنه إلا وهو حديث ضعيف بل موضوع مكذوب. وليس معهم بذلك نقل