للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالسائل سأله عمن نذر أن يأتي إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ففصل مالك في الجواب بين أن يريد القبر أو المسجد، مع أن اللفظ إنما هو نذر أن يأتي القبر، فعلم أن لفظ إتيان القبر وزيارة القبر والسفر إلى القبر ونحو ذلك يتناول من يقصد المسجد، وهذا مشروع، يتناول (*) من لم يقصد إلا القبر، وهذا منهي عنه كما دلت عليه النصوص وبينه العلماء مالك وغيره.

فمن نقل عن السلف أنهم استحبوا السفر لمجرد القبر دون المسجد بحيث لا يقصد المسافر المسجد ولا الصلاة فيه بل إنما يقصد القبر كالصورة التي نهى عنها مالك فهذا لا يوجد في كلام أحد من علماء السلف استحباب ذلك فضلاً عن إجماعهم عليه.

وهذا الموضع يجب على المسلمين عامة وعلمائهم تحقيقه ومعرفة ما هو مشروع / والمأمور به الذي هو عبادة الله وحده [لا شريك له] وطاعة له ولرسوله وبر وتقوى وقيام بحق الرسول، وما هو شرك وبدعة وضلالة منهي عنها، لئلا يلتبس هذا بهذا، فإن السفر إلى مسجد المدينة مشروع باتفاق المسلمين، لكن إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى.

وقد تقدم عن مالك وغيره أنه إذا نذر إتيان المدينة إن كان قصده الصلاة في المسجد [يوف بنذره] وإلا لم يوف بنذره، وأما إذا نذر إتيان المسجد لزمه لأنه


(*) قال معد الكتاب للشاملة: كذا في الأصل المطبوع، والصواب: (ويتناول).

<<  <   >  >>