والجواب: أما زيارة الأخ الحي في الله كما تقدم في الحديث فهذا نظير زيارته صلى الله عليه وسلم في حياته يكون الإنسان بذلك من أصحابه، وهم خير القرون.
وأما جعل زيارة القبر كزيارته حيًّا كما قاسه هذا المعترض فهذا قياس ما علمت أحدًا من علماء المسلمين قاسه، ولا علمت أحدًا منهم احتج في زيارة قبره صلى الله عليه وسلم بالقياس على زيارة الحي المحبوب في الله. وهذا من أفسد القياس فإنه من المعلوم أنه من زار الحي حصل له بمشاهدته وسماع كلامه ومخاطبته وسواله وجوابه وغير ذلك ما لا يحصل لمن لم يشاهده ولم يسمع كلامه، وليس رؤية قبره أو رؤية ظاهر الجدار الذي بني على بيته بمنزلة رؤيته ومشاهدته ومجالسته وسماع كلامه، ولو كان هذا مثل هذا كان كل من زار قبره مثل واحد من أصحابه، ومعلوم أن هذا من أبطل الباطل.
وأيضًا فالسفر إليه في حياته إما أن يكون لما كانت الهجرة إليه واجبة كالسفر قبل الفتح فيكون المسافر إليه مسافرًا للمقام عنده بالمدينة مهاجرًا من المهاجرين إليه، وهذا السفر انقطع بفتح مكة، قال صلى الله عليه وسلم:(لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية). ولهذا لما جاء صفوان بن أمية مهاجرًا أمره أن يرجع إلى مكة، وكذلك سائر الطلقاء كانوا بمكة لم يهاجروا.
وإما أن يكون المسافر إليه وافدًا إليه ليسلم عليه ويتعلم منه ما يبلغه قومه كالوفود الذين كانوا يفدون عليه لا سيما سنة عشر، سنة الوفود، وقد أوصى