تناقض فيها في هذا وهم متبعون لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن هذا المعترض الجاهل تارة يجعل قول المتبعين للسنة كمالك وغيره متناقضًا، وتارة يجعله مجاهرة للأنبياء بالعداوة وإظهارًا لعنادهم، وهو يضيف ذلك إلى المجيب، والمجيب لم يقل إلا ما قاله هؤلاء، بل حكى قولهم وقول غيرهم، وذكر حجة القولين. بخلاف مالك وأتباعه فإنهم جزموا بالتحريم ولم يلتفتوا إلى قول من حمل الحديث على نفي الاستحباب، لظهور فساد هذا القول وتناقضه. وأيضًا فهذا الذي ذكره إنما يتصور في زيارة غير قبر النبي صلى الله عليه وسلم كأهل البقيع وشهداء أحد وسائر المؤمنين المدفونين في بلادهم. ومع هذا ما علمنا أحدًا قال يستحب السفر لمجرد هذه الزيارة، بل إما أن يكون محرمًا وإما أن يكون مباحًا، وإن كانت الزيارة من البلد مستحبة.
وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فله شأن آخر، فضله الله به على غيره، فإن الله أمرنا بالصلاة والسلام عليه مطلقًا وأن نطلب له الوسيلة. ومحبته وتعظيمه فرض على كل أحد، بل فرض على كل أحد أن يكون الرسول أحب إليه من ولده ووالده، وهو أولى بكل مؤمن من نفسه، فحقوقه وشريعته إيجابًا واستحبابًا لا تختص ببقعة، بل هي مشروعة في جميع البقاع لا فرق في ذلك بين أهل المدينة وغيرهم، وقد نهى أن يتخذ قبره عيدًا وقال:(صلوا علي حيثما كنتم فإن صلاتكم تبلغني)، وقال