عما نهى وأمروا بما أمر، فصار حقيقته أن من أطاع الله ورسوله ونهى عما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم -كالسفر إلى غير المساجد الثلاثة- هو كافر معاند للأنبياء.
ومعلوم أن من قال مثل هذا فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل، وإذا لم يعرف أن قوله يتضمن هذا ويستلزمه عرف ذلك ويبين له، فإن أصر استحق العقوبة. ولو عرف أن هذا يلزم قوله لكان كافرًا مرتدًّا، لكنه جاهل لم يعرف أن هذا يلزم قوله، فإنه لم يعرف مذهب مالك ولا غيره من الأئمة في مسألة النزاع، ولا عرف ما فيها من الأدلة الشرعية، ولا تدبر ما ذكره المجيب، بل تكلم بظنه وهواه وأعرض عن سبيل الهدى الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى:{إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى} [سورة النجم: (٢٣)].
ثم يقال: ثانيًا: هب أن الذين نقل عنهم الجواز أفضل أهل الأرض، فالمجيب ذكر القولين، وذكر حجة كل واحد:[من نصر الجواز] سوغ له المجيب ذلك، فإنه قد قاله جماعة من العلماء. لكن هؤلاء المعارضون خرقوا إجماع الطائفتين وقالوا: إنه يستحب السفر لمجرد زيارة القبور، فقالوا: إنه يستحب السفر إلى غيرالمساجد الثلاثة، وعلى ذلك / فيجب بالنذر على قول الجمهور الذين يوجبون الوفاء بنذر الطاعة كمن نذر السفر إلى المدينة وبيت المقدس، وهو قول مالك وأحمد والشافعي في أحد قوليه.