(ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام)، ومالك وأحمد وغيرهما احتجوا بحديث ابن عمر أنه كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فكان عند الأئمة كمالك وأحمد من المأثور في ذلك السلام عليه، وهذا هو الذي يسمى زيارة قبره، فأحمد وأبو داود وغيرهما يسمون السلام عليه زيارة لقبره صلى الله عليه وسلم، وكذلك ترجم أبو داود عليه: باب ما جاء في زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم. وأما مالك فإنه يستحب هذا السلام ولا يسميه زيارة لقبره، ومالك قد تقدم كلامه، وأنه في مواضع لم يستحب سوى السلام كما جاء عن ابن عمر، وقد ذكر في الجواب.
وكان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلموا عليه وأرادوا الدعاء دعوا مستقبلي القبلة ولم يستقبلوا القبر.
وأما وقوف المسلم عليه فقال أبوحنيفة: يستقبل القبلة أيضًا ولا يستقبل القبر.
وقال أكثر الأئمة: بل يستقبل القبر عند السلام عليه خاصة، ولم يقل أحد من الأئمة إنه يستقبل القبر عند الدعاء -يعني لنفسه- كما يفعله المستغيثون بالميت ولم يقل أحد من الأئمة إنه يستقبل القبر في هذه الحال إلا في حكاية مكذوبة تروى عن مالك ومذهبه بخلافها.
واتفق الأئمة على أنه لا يمس قبر النبي صلى الله عليه وسلم بيده ولا يقبله فقد ذكر ما ذكره العلماء في زيارته والسلام عليه وأين يسلم عليه وأين يدعو، / وهذا كله إنما يكون في المسجد.
وقد تقدم أن السفر إلى المسجد مستحب مشروع بالنص والإجماع. فهذا