للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مساجد) متناول لشد الرحال لزيارة القبور، ثم تنازعوا هل موجب الحديث النهي والتحريم، أو موجبه نفي الفضيلة والاستحباب؟ فمن قال إنه يستحب شد الرحال إلى غير الثلاثة -كزيارة القبور- فهذا هو الذي خالف الإجماع بلا ريب مع مخالفته للرسول صلى الله عليه وسلم، فهو ممن خالف الرسول والمؤمنين واتبع غير سبيلهم، لكن إذا لم يكن قد تبين له الهدى وعرف ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم والمؤمنون لم يكفر، فإن الله إنما ألحق الوعيد بمن شاق الرسول من بعد ما تبين له الهدى واتبع غير سبيل المؤمنين، فقد توعده بأنه يوليه ما تولى ويصليه جهنم وساءت مصيرًا.

ومن قال إن السفر إلى غير الثلاثة -كزيارة القبور- مستحب، فقد خالف الرسول صلى الله عليه وسلم وخالف علماء أمته.

وأما السفر إلى مسجده صلى الله عليه وسلم فهو سفر إلى أحد المساجد الثلاثة ليس مما نهى عنه، وإذا فعل في مسجده ما شرع من الزيارة الشرعية وصلى عليه وسلم كما أمر الله وعلم فهو محسن في هذه الزيارة، كما كان محسنًا في شد الرحل إلى مسجده، وهذا هو الذي أجمع عليه المسلمون أيضًا كما أجمعوا أنه لا تشد الرحال لمجرد زيارة القبور، فذاك الإجماع على شدها إلى مسجده وزيارته الشرعية حق، وهذا الإجماع على أنه لا يستحب شد الرحال إلى غير الثلاثة حق، وكلا الإجماعين معه نص عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

والعالم من اتبع هذا وهذا، وليس هو من ترك النص والإجماع من أحد الجانبين وتمسك في الجانب الآخر / بألفاظ مجملة يظن الإجماع على ما فهمه منها، ولم تجمع الأمة على ما فهمه، بل ما فهمه قد يكون مجمعًا على تحريمه [فمن

<<  <   >  >>