ومعلوم أنه إذا فرض ذنبان: أحدهما الشرك والغلو في المخلوق، والثاني نقص رسول من بعض حقه -كمن يعتقد في المسيح أنه صلب مع أنه رسول الله، ومعلوم أن نجاته ورفعه إلى السماء أعظم قدرًا من أن يسلط العدو عليه حتى يصلب- فلو نقصه رجل ذلك واعتقد أنه صلب ولم يعلم أن القرآن نفى صلبه كان هذا الخطأ دون خطأ من غلا فيه وأشرك به.
ولو قال قائل: إنه لا يشرع زيارة القبور بحال لا بسفر ولا غير سفر، وقال آخر: بل يشرع السفر إليهم لدعائهم والتضرع لهم كما يفعله المشركون وأهل البدع، لكان هذا الشرك أعظم خطأ وضلالاً من ذلك النقص، فالشرك عند الله أعظم إثمًا، وصاحبه أعظم عقوبة وأبعد عن المغفرة من المتنقص لهم عن كمال رتبتهم، فإنه إذا كان كلاهما كافرًا فكفر المشركين أعظم، وكل شرك بالله فهو تكذيب للرسل وتنقص بهم، وليس كل من كذب بعض ما جاءوا (*) به يكون مشركًا كافرًا مثل كثير من أهل الكتاب. فالشرك أعظم الذنوب، وهؤلاء
(*) قال معد الكتاب للشاملة: في الأصل المطبوع كتبت: (جاؤا)، وهو خطأ، فتم تصحيحه.