وهنا اعتراف المعبودين. وذكر في سورة يونس نظير ما في البقرة فقرر التوحيد أولاً ثم النبوة فقال بعد قوله:{ويوم نحشرهم جميعًا ثم نقول للذين أشركوا مكانكم -إلى قوله- فأنى تصرفون} [سورة يونس: (٢٨ - ٣٢)]، وذكر أنه ليس معهم إلا الظن الذي لا يغني من الحق شيئًا ثم قال:{وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون الله -إلى قوله- إن كنتم صادقين} [سورة يونس: (٣٧ - ٣٨)]، فقرر النبوة، ثم تحداهم بالمعارضة ليبين عجزهم وعجز جميع الإنس والجن عن أن يأتوا بمثله، وأنه إنما أنزله الله. وكذلك سورة هود افتتحها بقوله:{كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير -إلى قوله- ثم توبوا إليه} [سورة هود: (١ - ٣)]، وافتتحها بذكر الكتاب فإنه الداعي إلى التوحيد، فإن هذه نزلت بمكة ولم يكونوا مقرين بالتوحيد بخلاف آل عمران فإنها من أواخر ما نزل، نزلت لما قدم وفد نجران سنة تسع أو عشر، والخطاب مع النصارى، وكانوا مقرين بالتوحيد، لكن ابتدعوا شركًا وغلوًّا واتبعوا المتشابه، من جنس الذين يحجون إلى القبور ويتخذونها أوثانًا، ولهذا / لما ذكر آية التحدي في هؤلاء قال:{أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات -إلى قوله- مسلمون} [سورة هود: (١٣ - ١٤)]، وأظهر عجزهم، وأن القرآن منزل من الله بالإيمان بالكتاب والرسول وبالتوحيد قال:{فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو}، وقوله (بعلمه) أي نزل متضمنًا لعلمه، أخبر فيه بعلمه، كما قال:{لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه} [سورة النساء: (١٦٦)]، فتبين أن الذي تضمنه هو علم الله لا علم غيره، ولو كان كلام غيره لكان مضمونه علم ذلك المتكلم. ومن قال أنزله وهو يعلمه فقوله ضعيف، فإنه يعلم كل شيء، وليس كلامه في إثبات علمه. ومثل هذا في