ومن قال ما يخالف ذلك من الأقوال التي تخالف قول الرسول فهو الذي يستحق الجهاد، وهذا المعترض وأمثاله قد خالفوا قول الله ورسوله وسائر أئمة المسلمين فإنهم متفقون على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) وإن شد الرحال لزيارة القبور داخل في ذلك إما بطريق العموم اللفظي -كدخول المساجد- وإما بطريق الفحوى وتنبيه الخطاب. فإنه إذا كان السفر إلى المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله غير مشروع، فما دونها أولى أن لا يكون مشروعًا.
ومعلوم أن الصلوات الخمس جماعة وفرادى وقراءة القرآن والاعتكاف والذكر والدعاء هو مشروع في المساجد، وهو في المساجد أفضل منه في القبور، فإذا كان لا يسافر / لذلك إلى المساجد فلا يسافر لذلك إلى القبور بطريق الأولى، وإذا لم يسافر لهذه العبادات التي يحبها الله ورسوله -وهي إما واجبة وإما مستحبة- إذا لم يسافر لها، لا إلى المساجد ولا إلى القبور، فلا يسافر إلى القبور ولما لم يأمر الله به من الشرك والبدع بطريق الأولى.
فهذا أم معلوم بالاضطرار من دين الرسول. لكن لمن عرف دينه المتفق عليه بين علماء أمته، فمن جعل هذا السفر مستحبًّا أومشروعًا أو استحل عداوة من هى عنه وعقوبته فهذا محاد لله ولرسوله، وهو المستحق للجهاد دون الآمر بما أمر الله به الناهي عما نهى الله عنه، فإنه يجب نصره وموالاته كما يجب جهاد المخالف له ومعاداة ما أتاه من الباطل. وما استحبه علماء المسلمين وأجمعوا عليه