ـ[الأمر بعد الحظر يقتضي الوجوب، وأقل درجاته أن يلحق بالمباح أو المندوب.]ـ
والجواب عن هذا من وجوه:
الأول: أن في هذا الكلام من الجرأة على الله ورسوله وعلماء المسلمين أولهم وآخرهم ما يقتضي أن يعرف من قال هذه المقالة ما فيها من مخالفة دين الإسلام وتكذيب الله ورسوله، ويستتاب منها، فإن تاب وإلا ضربت عنقه. وذلك أنه ادعى أنه من حرم السفر إلى غير المساجد الثلاثة، أو حرم السفر لزيارة القبور، وقال إنه جاهر الأنبياء بالعداوة وأظهر لهم العناد، فحرم السفر لزيارة قبره وسائر القبور. ذكر ذلك بحرف الفاء، وليس في كلام المجيب إلا حكاية القولين في السفر، لمجرد زيارة القبور.
فإذا قيل: إنه جاهر بالعداوة وأظهر العناد لأجل تحريم هذا السفر، كان كل من حرمه مجاهرًا للأنبياء بالعداوة، مظهرًا لهم العناد. ومعلوم أن مجاهرة الأنبياء بالعداوة وإظهار العناد لهم غاية في الكفر، فيكون كل من نهى عن هذا السفر كافرًا.
وقد نهى عن ذلك عامة أئمة المسلمين، وإمامه مالك صرح بالنهي عن السفر لمن نذر أن يأتي قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع أن النذر يوجب فعل الطاعة عنده، فلم يجعله مع النذر مباحًا، بل جعله محرمًا منهيًّا عنه لما سئل عمن نذر أن يأتي قبر