وهذه الأماكن يستحب لأهل المدينة إتيانها وإن لم يقدموا من سفر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يخرج إلى القبور يدعو لهم، وكان يأتي قباء كل سبت راكبًا وماشيًا.
وأما ما يظن أنه زيارة لقبره -مثل الوقوف خارج الحجرة للسلام والدعاء- فهذا لا يستحب لأهل المدينة بل ينهون عنه، لأن السابقين الأولين من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان -الخلفاء الراشدين وغيرهم- كانوا يدخلون إلى مسجده للصلوات الخمس وغير ذلك، والقبر / عند جدار المسجد ولم يكونوا يذهبون إليه ولا يقفون عنده، فإذا كان السفر لما شرع لأهل المدينة في غير المساجد منهيًّا عنه فالنهي عن السفر لما ليس بمشروع مما يسمى زيارة لقبره وليس زيارة أولى وأحرى.
وقد ذكر هذا مالك وغيره من العلماء، ذكروا أنه لا يستحب بل يكره للمقيمين بالمدينة الوقوف عند القبر للسلام أو غيره، لأن السلف من الصحابة لم يكونوا يفعلون ذلك إذا دخلوا المسجد للصلوات الخمس وغيرها على عهد الخلفاء الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي [رضي الله عنهم]، فإنهم كانوا يصلون بالناس في المسجد: أبو بكر وعمر فصليا بالناس إلى حين ماتا، وعثمان إلى أن حصر، وعلي صلى فيه مدة مقامه بالمدينة إلى أن خرج إلى العراق.