يعطوه تمرة وكسرة وجوزة ونحو ذلك فيردونه ويقولون: ما هذا بشيء إنما نؤجر على ما يعطى ونحن نحبه وكانوا يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير مثل الكذبة والنظرة والغيبة وأشباه ذلك، يقولون إنما وعد الله النار على الكبائر فرغبهم الله في القليل من الخير أن يعمله فإنه يوشك أن يكثر وحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكثر فنزلت:(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ) يعني ذرة أصغر النمل (خَيْرًا يَرَهُ) يعني في كتابه ويسره ذلك قال يكتب لكل بر وفاجر بكل سيئة واحدة سيئة وبكل حسنة عشر حسنات فإذا كان يوم القيامة ضاعف الله حسنات المؤمن أيضاً بكل واحدة عشراً فيمحو عنهم بكل حسنة عشر سيئات فمن زادت حسناته على سيئاته مثقال ذرة دخل الجنة. وظاهر هذا أنه يقع المقاصة بين الحسنات والسيئات ثم يسقط الحسنات المقابلة للسيئات وينظر إلى ما يفضل منها بعد المقاصة.
وهذا يوافق قول من قال: بأن من رجحت حسناته على سيئاته بحسنة واحدة أثيب بتلك الحسنة خاصة وتسقط باقي حسناته في مقابلة سيئاته خلافاً لمن قال: يثاب بالجميع وتسقط سيئاته كأنها لم تكن وهذا في الكبائر.
أما الصغائر فإنه قد تمحى بالأعمال الصالحة مع بقاء ثوابها كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (ألا أدلكم على ما يمحق الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟