فقوله سبحانه وتعالى:(لِمَنِ اتَّقَى) يدل على أن المتقي لله الخائف منه هو الذي تغفر له ذنوبه بعد تمام الحج متعجلاً في يومين أو متأخراً لليوم الثالث، فقوله تعالى:: (لِمَنِ اتَّقَى) راجع للمتعجل والمتأخر ومعلوم أن المقيم على الذنب ليس من اتقى الله وخافه.
وأما هل يكفر الحج الكبائر التي لم يتب عنها صاحبها، وإن كان قد تركها، فالصحيح - إن شاء الله - أنها إن كانت مما يتعلق بحقوق العباد فإن الحج لا يغفرها كما جاء في الحديث أن الشهادة في سبيل الله تكفر الذنوب كلها إلا الدّين، وذلك أنه من حقوق العباد، وهكذا الأمر هنا، فإن الحج لا يكفر حقوق العباد، فمن كان عليه دين لم يؤده، أو في ذمته عهد أو مال أو أمانة لغيره فإن الحج شأنه شأن كل الطاعات التي يكفر الله بها السيئات، لا يكفر الله بها حقوق الآدميين، لأن حقوق العباد لا بد من ردها، أو تنازل أهل الحقوق عنها في الدنيا أو في الآخرة، أو المقاضاة فيها يوم القيامة كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (أيها الناس من كان له عند أخيه مظلمة من عرض أو مال فليتحلل منه الآن قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إنما هي الحسنات والسيئات،