للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ: " ضَرَبَ اللَّهُ مثلا للَّذين كفرُوا امْرَأَة نوح وَامْرَأَة لوط كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ، فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَقِيلَ ادخلا النَّار مَعَ الداخلين (١) ".

* * * وَأَمَّا مَضْمُونُ مَا جَرَى لَهُ مَعَ قَوْمِهِ مَأْخُوذًا مِنَ الْكِتَابِ وَالسَّنَةِ وَالْآثَارِ، فَقَدْ قَدَّمْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ آدَمَ وَنُوحٍ عَشَرَةُ قُرُونٍ كُلُّهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَذَكَرْنَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَرْنِ الْجِيلُ أَوِ الْمُدَّةُ عَلَى مَا سَلَفَ.

ثُمَّ بَعْدَ تِلْكَ الْقُرُونِ الصَّالِحَةِ حَدَثَتْ أُمُورٌ اقْتَضَتْ أَنْ آلَ الْحَالُ بِأَهْلِ ذَلِكَ الزَّمَانِ إِلَى عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ.

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيث ابْن جريح عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: " وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ

وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ ونسرا (٢) " قَالَ: هَذِهِ أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ فِيهَا أَنْصَابًا وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ، فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ، حَتَّى إِذا هلك أُولَئِكَ وانتسخ (٣) الْعِلْمُ عُبِدَتْ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَصَارَتْ هَذِهِ الْأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَب بعد.


(١) الْآيَة ١٠.
(٢) سُورَة نوح (٣) ا: وَنسخ (*)

<<  <  ج: ص:  >  >>