للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ بَيَانِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى مُنَزَّهٌ عَنِ الْوَلَد تَعَالَى عَمَّا يَقُول الظَّالِمُونَ علوا كَبِيرا

وَقَالَ تَعَالَى فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ: " وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَن ولدا لقد جئْتُمْ شَيْئا إدا " شَيْئًا عَظِيمًا وَمُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا " تَكَادُ السَّمَوَات يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا.

أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ".

فَبَيِّنَ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَنْبَغِي لَهُ الْوَلَدُ لانه خَالق كل شئ ومالكه، وكل شئ فَقِيرٌ إِلَيْهِ، خَاضِعٌ ذَلِيلٌ لَدَيْهِ وَجَمِيعُ سُكَّانِ السَّمَوَات والارض عبيده، هُوَ رَبُّهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى: " وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ علم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يصفونَ * بديع السَّمَوَات وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَة وَخلق كل شئ وَهُوَ بِكُل شئ عَلِيمٌ * ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالق كل شئ فاعبدوه وَهُوَ على كل شئ وَكِيلٌ * لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيف الْخَبِير (١) " * فَبين أَنه خَالق كل شئ فَكَيْفَ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ، وَالْوَلَدُ لَا يَكُونُ إِلَّا بَيْنَ شَيْئَيْنِ مُتَنَاسِبَيْنِ، وَاللَّهُ تَعَالَى لَا نَظِير لَهُ وَلَا شَبيه وَلَا عديل لَهُ، فَلَا صَاحِبَةَ لَهُ، فَلَا يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى: " قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يلد وَلم يُولد


(١) سُورَة الانعام.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>