مِنْكُمْ تِمْثَالًا مِثْلَهُ لِيَكُونَ لَهُ فِي بَيْتِهِ فَتَذْكُرُونَهُ؟ قَالُوا نَعَمْ.
قَالَ: فَمَثَّلَ لِكُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ تِمْثَالًا مِثْلَهُ، فَأَقْبَلُوا فَجَعَلُوا يَذْكُرُونَهُ بِهِ.
قَالَ: وَأَدْرَكَ أَبْنَاؤُهُمْ فَجَعَلُوا يَرَوْنَ مَا يَصْنَعُونَ بِهِ.
قَالَ: وَتَنَاسَلُوا وَدُرِسَ أَمْرُ ذِكْرِهِمْ إِيَّاهُ حَتَّى اتَّخَذُوهُ إِلَهًا يَعْبُدُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلَادُ أَوْلَادِهِمْ، فَكَانَ أَوَّلَ مَا عُبِدَ غَيْرَ اللَّهِ " وَدٌّ " الصَّنَمُ الَّذِي سَمَّوْهُ وَدًّا.
وَمُقْتَضَى هَذَا السِّيَاقِ أَنَّ كُلَّ صَنَمٍ مِنْ هَذِهِ عَبَدَهُ طَائِفَةٌ مِنَ النَّاسِ.
وَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا تَطَاوَلَتِ الْعُهُودُ وَالْأَزْمَانُ، جَعَلُوا تِلْكَ الصُّوَرَ تَمَاثِيلَ مُجَسَّدَةً لِيَكُونَ أَثْبَتَ لَهَا (١) ، ثُمَّ عُبِدَتْ بعد ذَلِك من دون الله عزوجل.
وَلَهُم فِي عبادتها مسالك كَثِيرَة جدا قد ذَكرنَاهَا فِي موَاضعهَا مِنْ كِتَابِنَا التَّفْسِيرِ.
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَتْ عِنْدَهُ أُمُّ سَلَمَةَ وَأُمُّ حَبِيبَةَ، تِلْكَ الْكَنِيسَةَ الَّتِي رأينها بِأَرْض الْحَبَشَة، وَيُقَال لَهَا مَارِيَة، وذكرتا مِنْ حُسْنِهَا وَتَصَاوِيرَ فِيهَا قَالَ: " أُولَئِكَ إِذَا مَاتَ فِيهِمُ الرَّجُلُ الصَّالِحُ بَنَوْا عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدا، ثمَّ صوروا فِيهِ تِلْكَ الصُّورَة، أُولَئِكَ شرار الْخلق عِنْد الله عزوجل ".
* * * وَالْمَقْصُودُ أَنَّ الْفَسَادَ لَمَّا انْتَشَرَ فِي الْأَرْضِ وَعم الْبلَاء بِعبَادة الْأَصْنَامِ فِيهَا، بَعَثَ اللَّهُ عَبْدَهُ وَرَسُولَهُ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ، يَدْعُو إِلَى عِبَادَةِ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَيَنْهَى عَنْ عِبَادَةِ مَا سواهُ.
(١) ط: لَهُم (*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute