للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِي الْمَلَائِكَةِ الْمَأْمُورِينَ بِالسُّجُودِ لِآدَمَ: أَهُمْ جَمِيعُ الْمَلَائِكَةِ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ عُمُومُ الْآيَاتِ؟ وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ.

أَوِ الْمُرَادُ بِهِمْ مَلَائِكَةُ الْأَرْضِ؟ كَمَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَفِيهِ انْقِطَاعٌ وَفِي السِّيَاقِ نَكَارَةٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ قَدْ رَجَّحَهُ.

وَلَكِنَّ الْأَظْهَرَ مِنَ السِّيَاقَاتِ الْأَوَّلُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ: " وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ " وَهَذَا عُمُومٌ أَيْضًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ تَعَالَى لابليس: " اهبط مِنْهَا " و " اخْرُج مِنْهَا " دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي السَّمَاءِ فَأُمِرَ بِالْهُبُوطِ مِنْهَا، وَالْخُرُوجِ مِنَ الْمَنْزِلَةِ وَالْمَكَانَةِ الَّتِى كَانَ قد نالها

بِعِبَادَتِهِ، وتشبه بِالْمَلَائِكَةِ فِي الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ، ثُمَّ سَلَبَ ذَلِكَ بِكِبْرِهِ وَحَسَدِهِ وَمُخَالَفَتِهِ لِرَبِّهِ، فَأُهْبِطَ إِلَى الْأَرْضِ مَذْءُومًا مَدْحُورًا.

* * * وَأَمَرَ اللَّهُ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَسْكُنَ هُوَ وَزَوْجَتُهُ الْجَنَّةَ فَقَالَ: " وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة فتكونا من الظَّالِمين ".

وَقَالَ فِي الْأَعْرَافِ: " قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لمن تبعك مِنْهُم لاملان جَهَنَّم مِنْك أَجْمَعِينَ * وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا، وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة فتكونا من الظَّالِمين ".

وَقَالَ تَعَالَى: " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى *

<<  <  ج: ص:  >  >>