للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعض السيارة " أَيِ الْمَارَّةِ مِنَ الْمُسَافِرِينَ " إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ " مَا تَقُولُونَ لَا مَحَالَةَ، فَلْيَكُنْ هَذَا الَّذِي أَقُولُ لَكُمْ، فَهُوَ أَقْرَبُ حَالًا مِنْ قَتْلِهِ أَوْ نَفْيِهِ وَتَغْرِيبِهِ.

فَأَجْمَعُوا رَأْيَهُمْ عَلَى هَذَا، فَعِنْدَ ذَلِك " قَالُوا يَا أَبَانَا مَالك لَا تأمنا على يُوسُف وَإِنَّا لَهُ الناصحون * أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لحافظون * قَالَ إنى ليحزني أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ * قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنحن عصبَة إِنَّا إِذا لخاسرون ".

طَلَبُوا مِنْ أَبِيهِمْ أَنْ يُرْسِلُ مَعَهُمْ أَخَاهُمْ يُوسُفَ، وَأَظْهَرُوا لَهُ أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَرْعَى مَعَهُمْ، وَأَنْ يَلْعَبَ وَيَنْبَسِطَ، وَقَدْ أَضْمَرُوا لَهُ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ.

فَأَجَابَهُمُ الشَّيْخُ، عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ: يَا بَنِيَّ يَشُقُّ عَلَيَّ أَنْ أُفَارِقَهُ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، وَمَعَ هَذَا أَخْشَى أَنْ تَشْتَغِلُوا فِي لَعِبِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ فِيهِ (١) ، فَيَأْتِيَ الذِّئْبُ فَيَأْكُلَهُ، وَلَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ عَنْهُ لِصِغَرِهِ

وَغَفْلَتِكُمْ عَنْهُ ".

" قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذا لخاسرون " أَيْ لَئِنْ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَكَلَهُ مِنْ بَيْنِنَا، أَوِ اشْتَغَلْنَا عَنْهُ حَتَّى وَقَعَ هَذَا وَنحن جمَاعَة، إِنَّا إِذا لخاسرون، أَيْ عَاجِزُونَ هَالِكُونَ.

وَعِنْدَ أَهْلِ الْكِتَابِ: أَنَّهُ أَرْسَلَهُ وَرَاءَهُمْ يَتْبَعُهُمْ، فَضَلَّ عَنِ الطَّرِيقِ حَتَّى أَرْشَدَهُ رَجُلٌ إِلَيْهِمْ.

وَهَذَا أَيْضًا مِنْ غَلَطِهِمْ وخطئهم فِي التَّغْرِيب ; فَإِنَّ يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ أَحْرَصَ عَلَيْهِ مِنْ أَنْ يَبْعَثَهُ مَعَهُمْ، فَكَيْفَ يَبْعَثُهُ وَحْدَهُ.


(١) ا: عَلَيْهِ.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>